جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءحامد حبيب

مصر والسودان (٢)

 

مصر والسودان                         (٢)

حامد حبيب

  

حاولت إنجلترا عام ١٨٨٣م تقويض نفوذ مصر فى أفريقيا فبدأت تُخطّط لانسحاب مصر من السودان وممتلكاتها  الأفريقية..  ولما  كان ( عبد القادر باشا حلمى)الذى تولّى وزارة السودان وحكمداريته،وهو الذى نجح في تثبيت مركز  مصر  في السودان ، إذ استطاع رغم قلة موارده وإمكانياته المحدودة ، أن يؤمّن الخرطوم ومنطقة الجزيرة،وأن يحصل على انتصارات على الثوار فى منطقة"سنار"، وأن يرسم سياسة ناجحة تقوم  على عدم  مهاجمة (المهدى) الذى وطّد سلطانه فى  غرب السودان  بالاستيلاء على "الأبيض"عاصمة كردفان،فرأى(عبد القادر باشا حلمى) أن يدعه وشأنه،حتى لايدفع  بجنوده فى مخاطرلاضرورة لها.

ووجد الانجليز فى خطة (عبد القادر باشا) مايعرقل

مشروعاتهم بالنسبة للسودان ، فأوعزوا إلى الخديو أن يصدر مرسوماً  بإلغاء  وزارة السودان واستدعاء

(عبد القادر باشا حلمى)إلى مصر.

وانصاع الخديو  إلى  النصيحة  وصدر في ٢٠ يناير

مرسوماً بذلك.

واحتجّ سكان الخرطوم لهذا القرار،وطالبوا الحكومة المصرية  بابقاء (عبد القادر باشا حلمى)   الذى  أمّن أرواحَهم  وأموالهم ، لكن الحكومة المصرية صممت على قرارها ، وتعيين (علاء الدين باشا) _ الذى كان

 حكمداراً   لشرق  السودان _ حكمداراً  على  عموم السودان.

وفى الخامس من نوفمبر١٨٨٣م وقعت كارثة"هيكس

 فى السودان،حيث قضى المهدى على  جيش مؤلَّف من    ثلاثة عشر   ألف   مقاتل   أوفدتهم   الحكومة المصرية بمشورة الانجليز ، والذين  كان أغلبهم  من جيش عرايى ، وقد  قصد  الانجليز  من  وراء  ذلك التخلّص منهم،ووضعوا  على  رأسهم (هيكس باشا) الضابط  البريطانى المتقاعد ، والذى  قرّر   مهاجمة

(المهدى)  فى  كردفان  ،  ومواجهته  فى  المناطق الحصينة  حول  الخرطوم  ،  وسارت  الحملة  عبر الصحراء أكثر من شهر سيراً على الأقدام ، وعندما وصلت كانت منهكة من فرط  الإعياء والظمأ ، فانقضّت عليهم جموع المهدى على  حين غِرّة، وكانت مذبحة قُتل فيها كل أفراد  الحملة  بما فيهم(هيكس باشا) نفسه،ولم ينجُ  من  الإبادة

سوى ثلاثمائة جندى وضابطان،إذ اختباوا بين

 الأشجار،فأُخِذوا أسرى.

وفى السابع من يناير عام١٨٨٤م قدّم شريف باشا

استقالته من الوزارة احتجاجاً على طلب انجلترا

من مصر الانسحاب من السودان،مقرّراً أنه من العبث هدم مابذلته مصر من جهوده فى السودان،وتوصيل الحضارة إلى قلب إفريقيا  بقرار  يُفرَض  عليها  من انجلترا ، وهو  مايلقى  السودان  أيضاً  فى  مهاوى الفوضى ، ويشجع المهدى نفسه على الهجوم  على مصر،وأنه إذا جاز أن تتخلّى مصر عن المناطق التى سقطت   فى  يد  المهدى ،  فلايصحّ   التخلّى  عن الخرطوم وماحولها ،  لوجود  حاميات  قادرة على الدفاع عنها.

ولم  تنتظر  انجلترا  ماتتخذه  مصر  من  إجراءات لإخلاء السودان،وكلّفت(غوردون باشا) بتولّى هذه العملية، وكان طبيعياً بناءً  على عملية  الإخلاء أن تتضاعف قوة المهدى ونفوذه، فقام (الأمين عثمان)

تابع المهدى بتوحيد سلطان المهدى فى الشرق وهدّد موانئ البحر الأحمر،ولما كانت انجلترا تحرص على هذه  الموانئ ، فقد  أرسلت  حملة  مصرية  بقيادة الجنرال (بيكر باشا)   قومندان  البوليس  المصرى قوامها(٢٣٠٠جندى)و(٩٢ضابط)، فاوقع الدراويش

(أتباع المهدى)  بهذه  القوة الجديدة  عند  مدينة

"طوكر"  ومزّقوها  شرّ  مُمَزّق  فى  معركة "النيل"

وفى الثامن من فبراير ١٨٨٣م سقطت مدينة"سنكات

 فى أيدى الدراويش عقب هزيمة الجيش المصري ،

بسبب قائده الانجليزى.

وفى الثامن عشر من فبراير ١٨٨٣م وصل(غوردون) ومساعده إلى السودان،فأذاع بمحرّد وصوله منشوراً بين الأهالى قال فيه:إنّ السودان قد فُصل عن مصر فصلاً تامّاً ،وقد جئتكم حاكماً عاماً عليه، فجعلت من (المهدى) أميراً على كردفان،وألغيتُ الأوامر الصادرة بمنع  الرقيق (التى حرمها محمد على باشا من قبل)، وتناولت عن  المتاخر  من  الضرائب ، وأرسل المهدى رسولاً  يحمل  إليه   هدية  من   الملابس  المزركشة بالقصبة والمموّهة بالذهب ، وينقل إليه كتاباً يسمّيه فيه  "سلطان على كردفان" متيحاً  له الحرية التامة والاستقلال فى العمل،لكن(المهدى) داخله المزيد من الاستغراب وردّ عليه:"..وداخلنى الاستغراب  المتولّد

 عن زعمك أنك تعطينى بلاداً هى لى وأنا  لها… وأنا هديتك…فهى راجعة آليك…فإن دعوتى تأبى اتشاح مثل هذه الملبوسات.. واسلم مسلم الدراويش فتنال رضاى".

فألغى (غوردون) عقب قراءة  رسالة المهدى  قراره

الأول بإعلان المهدى سلطاناّ  على كردفان ، وأرسل للحكومة المصرية يطلب منها إرسال (الزبير باشا)

ليكون وكيلاً له ،باعتباره زعيم السودان القادر على الوقوف فى وجه المهدى ، لكن  الحكومة المصرية رفضت إرسال (الزبير باشا) إلى السودان،بدعوى أن ذلك يقوى به تجارة الرقيق ، فى الوقت  الذى أعلن فيه(غوردون) باسم انجلترا إباحة تجارة الرقيق.

لكن في السادس والعشرين من يناير ١٨٨٥م،جاءت النتيجة المختومة للعبة انجلترا  بإرسال  غوردون باشا الخرطوم بمفرده لإخلاء السودان ، فأُخيط به

من قِبل المهدى وأتباعه الذين فرضوا عليه حصاراً لمدة عام تقريباً،وحاول غوردون ارسال الاستغاثات بانجلترا  التى  كلفت  السير (ولزلى)  قائد  الحملة الإنجليزية بتأليف جيش  انجليزي  مصرى مشترك لإنقاذ غوردون،ولكن بعد فوات الأوان، فقد أطلقت جيوش  المهدى  وهو  معهم  على مدينة الخرطوم وقتلوا غوردون تقطعوا رأسه،وأسرف الدراويش فى القتل والنهب والسلب، حتى بلغ عدة من قُتِل أربعة وعشرين ألفاً،وقد حزن المهدى لمقتل غوردون ،لأنه كان يهوى أن يفتدى به عرابى باشا من النفى، وكان لسقوط الخرطوم دولياً فى مصر والعالم كله.

ولم ينعم المهدى طويلاً بثمرة نصره العظيم الذى جعله سيّد السودان بلامنازع،إذ أدركته المنية فى يوم٢٢يونيو١٨٨٥م.

فقد كان المهدى أحد انتفاضات  العالم الاسلامى

فى وجه الاستعمار الأوروبي الزاحف على العالم الإسلامي.

وكان السيد(جمال الدين الأفغاني) ينظر للثورة السودانية نظرة إكبار وإجلال،باعتبارها ت قيق البرنامج الذى وضعه لتحرير الشرق من الاستعمار ورفع شأن المسلمين، وتبعه الإمام محمد عبده فى تعظيم تلك الثورة.

وبوفاة  المهدى  المبكرة ، أصيبت  حركته  بضربة قاصمة،لأنه كان قائدها الملهَم.

_____________

حامد حبيب_مصر


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *