جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

العصابة الثقافية

 

 

العصابة الثقافية

العقيد بن دحو

* - " يا اهل (العلم) يا اهل (البلد) *** من يصلح (الملح) اذا الملح فسد " .

لاحظ ثلاثية :  العلم....البلد...الملح !.

هذا البيت الشعري القاه او انشده الشاعر الفقيه ، العارف بالله ، شاعر الكوفة "سفيان الثوري" سنة 97 للهجرة. قصيذة عصماء ، فيها الكثير من معاني الغضب ، و انواع العتاب و اشكال اللوم .

مطلعها : يا اهل العلم يا اهل البلد !.

و انا اتمثل في هذا البيت الشعري الذي اختزل ماساة ، بحجم ماساة الدول و الحكومات و الشعوب العربية من الماء الى الماء ، من النهر الى البحر ، و من جكارتا الى طانجا ؛ و الفساد ينخر جسدها لحما على عظم ، و نفسا على جسد ، و قدرة على طاقة.

حتى صار مذهب العدمية : كل شيئ لا شيئ :  يميزها لغة و اصطلاحا و اسلوبا.

لطالما اعتبرت الثقافة الملح الذي يحمي مختلف القيم الاخرى: السياسية الاجتماعية الاقتصادية التجارية ، و حتى ( الحكم) على اعتبار الحكم كنزا. ثروة قومية من الفساد.

لطالما اعتبرت الثقافة : ما يبقى بعد ان تخسر الدولة كل شيئ !.

بل ؛ ما يجب ان يتعلمه المرء بعد ان يتعلم كل شيئ .

الثقافة انقاذ و خلاص قبل راي الشجعان ، يوم انقذت الصحافة القرن الثامن عشر ، من الركود  و الكساد المعرفي و التجاري و كذا في المعلومة و نقل و نشر الخبر ،  حينما الناس كانت لا تقرا الجرائد و لا المجلات ، و لا تستمع للاذاعة الا اذا تضمنت بعض صفحاتها و برامجها شيئ عن الادب و الفن و الثقافة.

و لكن اليوم من يصلح الملح اذا الملح فسد  ؟!

او من ينقذ المنقذ ان صار في حاجة الى انقاذ !؟

او من يصلح الثقافة اذا كانت في حاجة الى ( ثقاف) و تلكم هي المشكلة؟

اذا ما افتقد الماء خواصه الفيزيائية ، و اكتسب بعد التسنه وطيلة الاحتباس خواصا كيميائية : لونا ، ذوقا ، اوطعما  ، و رائحة ما... !.

اليوم  يتاكد لنا اكثر من اي وقت مضى ان الثقافة لم تكن في مناى عن عصابة المال و الاعمال التي شهدتها البلد طيلة العشريتين الاخيرتين ، من لدن الهة الشر (التيتاتوس) ، الهة النفخ ، معالي اصحاب نفخ العجلات ، عن نفخ الفواتير الوهمية ، عن نفخ المشاربع و الاراض و العقار ، فيد الفساد و الزراية و العفن و الندم ، شبيهة بشخصيات جان جاك روسو ، التي تحولت الى ذباب ، تجد الناس تهرع في كل مكان خشية ان تطالها لعنة اجاممنون او اوريست او حاملة القرابين في ثلاثية اسخيلوس الجزائر ( رجال المال - رجال الاعمال - السياسة و الفساد)..!

فبقدر ما مست العصابة بشكل مباشر عصب الحياة ، الاقتصاد الجزائري ، و مست التجارة الداخلية و الخارحية في مقتل ، كما رهنت وراهنت على ان تدخل البلد في اتون نفق تلافيف متاهة سرمد  مظلم لا اول و لا اخر له ، يسكنه ( المونوتور) الكائن الخرافي بالاسطورة الاغريقية؛ الداخله مولود و الخارج منه مفقود.

لتتسلل العصابة الى قطاع الثقافة ، و صار (رفكا) النموذح و امثولة النجاح. من مجرد مصور هامشي عبر هاتف نقال الى مبدع ، تقدر له و ترصد الجوائز  و الملايين  ، كان ترصد بدورها الملايير من الدولارات على مهرجانات بائسة وهمية ،  نافخة للاوداج و للصفات و للمواصفات و للوصيفات...!

مهرجانات معدة خصيصا للعالم الخارجي ، لعاصمة الجن و الملائكة ، لتريهم العصابة الاكثر جنونا و الاكثر ملائكية من اهل الارض ، خطط و هندس لها ( محافظين) حافظوا على مناصبهم و كراسيهم ، و مصالحهم المالية و المادية ، الا ان يحافظوا على هيبة و صمعة الجزائر.

اما داخليا تحولت الثقافة المحلية الى ثقافة الزردة و الهردة ، و الى ثقافة هز الاكتاف و الارداف كما قال المرحوم المفكر الجزائري الالمعي مولود قاسم نايث بلقاسم.

بل نصبت على راس المرافق الثقافية اشخاص دراويش لا هم لهم بالشان الثقافي الا سندات الطلب و الاستفادة من موازنات مكملة ، متمنة و متممة لبرتوكولات سياسة ترميم الترميم !.

عصابة الثقافة كانت ادهى  ، و اذكى ، و امر حينما طبقت سياسة فرق تسود ! على جوهر و مركز ثقل الانسان ، فرقت بينه و بين بيئته ، بينه و بين اصوله وجذوره ، بينه و بين تاريخه ،  ماضيه العريق  الثلاث : العربية الاسلامية الامازيغية.

العصابة الثقاقية بدورها عملت على اختلال التوازن ما بين المرفق الثقافي و الانسان ، و ما بين الانسان و المحيط. مما افرزت لنا مكتبات تسجن الكتب عوضا ان تفعلها مع الجمهور القراء ، كما انزلقت القاعات الى كراسي بلا جمهور !. بل صبت على الجمهور اكبر عملية (تفريغ) تفريغ الجمهور من اية قيمة انسانية ، تفربغ الكراسي ، و تفريغ الوقت ، تفربغ المكان ، تفربغ الكلمات ، تفربغ الحوار و تفريغ الاسلوب.

وها نحن اليوم نعيش تبعات نيرون العصابة حين ادرمت نيران حقدها وغلها على المثقف و دمرت حديقته الحضارية الخلفية ، و اصبح العديد منهم اما مصابا بداء فقد الكلام او انه يحرص على ظهوره بالمشهد المشوه الذي مسته يد العصابة الثقافية.

و كان العشرية الماساة الوطتية لا تكفي ، حين حصدت خيرة المثقفين و الفنانين و الادباء الجزائرين ، لتلحق نار العصابة بما تبقى من هشيم فن و فكر و ادب و حولته الى عملية هرطقة و بيع شرف ، اين المثقف الناقد الكاتب - الا من رحم ربي- يراهن على البيع (...) ! بكل ما تعني الكلمة من تبضع عفيف و فاحش.

حين يتفاوض الناقد مع الاديب مسبقا على التلميع و التمييع و الترجيع. حين يتفق الاستاذ الجامعي على منتوجه مع طلبته ، و حين بقايا العصابة في الادارة الثقافية لا تزال وفية لمن ولتها على عرش الثقف اللقف !.

نظرة بسيطة لما يجري بالمواقع لتكتشف بعين الواقع حجم الماساة !.

لم يعد احدا في مكانه ! حتى المكان لم يعد هو المكان ، و كما الفرس الاصيل صار دخيلا تشابه عليه البشر فلم يعد قادرا على تمييز فارسه من الكومبارس.

بعد ان ظهرت من جديد ( خراتيت) العصابة تبث الرهاب و الفوبيا و اليباب و الرداءة في احذاق الناس  ؛ و كل من وقع نظره عليها يتحول فجاة الى خرتيت . الا شخص واحد ، ذاك المهمش و الذي لم تلحقه بعد دعوة العصابة او بقايا العصابة الثقافية ليتحول الى خرتيت او الى عصابة صغيرة مع الايام يكبر و سوف يطالب بحقه في ريع البحبوحة المريضة التي تؤهله ان يكون رجل عصابة مثقفا بوزن رجل مال او على وزن رجل اعمال ، و بين المال و الاعمال فسد الملح و فسدت الثقافة يا رجال العلم و يا اهل البلد !. انتهت (اللعبة) و الخشية ان تتفوق العصابة الباقية المتبقية الثقافية و تضرب البنيات الفوقية نهائيا بعد ان ضربت البنيات التحتية للبلد.

لم نعد نطالب بشيئ بعد ان راينا بام اعيننا كيف يتاكسد و يفسد الملح و تنتهي صلاحيته ، و مع هذا عصابة اخرى تزور التواريخ ، و تغير المغلفات و المعلبات ، و تضخم او تنفخ الاسعار ، على ان تقدمه للجمهور ملحا (بيو) خالي من الدسم لا يسبب ضغظ دم و لا ارتفاع سكر ، بل صار مكملا غذائيا ضد كافة الامراض المستعصية ، امراض الانسان : السام...الملل...الكلل...التفكك...التفتت...التهميش...ابعاد الكوادر و الاطارات الكفاة.....الخ  !.

عناكب تسحق عناكب

وعصابة ثقافية تطحن اخرى بلا ضمير او وازع اخلاقي و لا قلب.

مثقف يلهو بلهنية

واخر يشد الحبل

يردد هيا نلعب !.

اطقال الحي يؤكدون فقد صوابه

و كبار على الهامش

يترقبون :

فرسان..جزر... وارانب !.

يا رجال العلم يا اهل البلد

من يصلح الثقافة اذا ما ( الثقاف) فسد !؟

العقيد بن دحو / ادرار / الجزائر - 22 / 05/ 2023. .

ملاحظة المقال يتضمن بعض المصطلحات الدرامية من الفكر العالمي لما يتضمنه الموضوع من مكونات تراجيدية ماسوية .


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *