جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

المدينة و الثقافة

 

المدينة و الثقافة

العقيد بن دحو

* - " ليتني كنت اعمل اي شيئ يجعلني انتمي الى المدينة " / ( اوريست) - ثلاثية اسخيلوس ق:(-494 ق.م) .

كانت هذه المقولة الخالدة ؛ نفي اللحظة او اية وحدة زمنية اخرى للبطل الاغريقي ( اوريست) من ثلاثية درامية تراجيدية شهيرة

 ( اوريست - حاملة القرابين - اجاممنون) للشاعر الدرامي التراجيدي ( اسخيلوس).

هذه المقولة التي بنيت لبنة فلبنة ، خلية فخلية ، و كلمة فكلمة ، حلما فحلما ، فكرة ففكرة ، و فعلا ففعلا . تطهيرا و تكفيرا ؛ تفكيرا و تغييرا ايضا.

مقولة لطالما ظلت ترددها مسارح العالم ،كابرا عن كابر و ابا عن جد ، ووالد عما ولد.

عندما يصير الحديث عن / حول ( المدينة) عنوانا اخر للحياة ، طقس بديع خلاق ، تفكيرا ، محاكمة ، و ابداعا.

لطالما اعتبرت اليونان القديمة حاضرة الاغريق المدينة بالكائن الحي ، تحس و تشعر ، تحزن و تفرح ، تزدهر و تتقهقر و تنعزل ، ثم تصاب بداء التوحد ، تياس ، تمل و تكل ،  تنهزم و تنتصر ، تنجح و تفشل ،  تتوقف عن الاكل و الشرب ، تصاب بالارق و القلق ثم تنكفئ على الذات و تموت كما يموت اي كائن حي يتعرض للمرض و للاهمال و التهميش .

لطالما اعتبرت الاغريق المدينة (Polis) اي : الاحسن معلم. لهذا انتبهت الذهنية الاغريقية القديمة و الاغارقة القدماء مبكرا باهميتها المادية و المعنوية  ، فانزلتها منزلة التقديس ، و امتازت بما يمتاز به الاله من حضور و حبور و تكريم و تبجيل.

فالالهة ، و اشباه الالهة ، و الابطال هم الذين اسسوا المدن و اخذت باسمائهم و القاب تتويجاتهم  ورتب انتصاراتهم المدنية و العسكرية منها.

ما يؤسفنا اليوم حقا و بعد اكثر من  خمسة عقود من الاستقلال ،  لا تزال مدننا الجزائرية من العاصمة الجزائر الى اخر مدينة على الحدود القارية من الدولة القارة و القارة الدولة. تصنف في ذيل الترتيب عند تصنيفات بعض الجهات و الجمعيات الدولية.

و اذا كان المعيار في ذلك الثقافة و البيئة. فالثقافة و البيئة طرفان متكاملان في قضية واحدة.

فالثقافة هي انتاج بيئي بالمقام الاول ، فهي عرق و بيئة و تاريخ حسب مبدا (تين) Taine. و هي انسان ، تراب ، و زمن حسب وجهة نظر المرحوم العلامة ( مالك بن نبي) الجزائري.

ماذا تنتظر اكثر من هذا التصنيف و مسؤولي هؤلاء المدن المحليين و المركزيين الممركزين ؛ المركزين على اليباب يهمشون و يبعدون مبدعيها و مثقفيها و مفكريها ، او من جمد اكثر من 1541 مجلس ثقافي بلدي ، و مثله في المجالس الولائية !؟

المثقف ايا كانت صفته مستشارا ينبغي الاصغاء اليه ، فهو القلب النابض و المؤشر و المدخل و المتخلل و المخرج و التغذية الراجعة لاي مشروع حضاري للمدينة.

لاشد وطاة على المدينة مثل الييروقراطية ، التي تخل المجينة الى علبة ارشبف كبيرة ، الى رقم و الى حالة . المدينة في حاجة الى روج جديدة من العلاقات الانسانية ، و البيروقراطي علاقته مرتبطة بالاشياء اكثر منها بالبشر.....!

 ليس المسؤول المعين او المسؤول المتتخب الاصل في مكون المدن الكلاسيكية منها و الحديثة و ما بعد الحداثة.

ان مدننا بكل مرارة ، نشعر بانها بدات تهرب منا ، تغترب ، تئن ، تتعذب ، و تعيش تقوقع الذات ببطء. اصبحت لا تكلم انسيا.... تعيش اضراب الصمت و اضرابات اجتماعية اخرى... فالمهرجانات و المشاهد الفلكلورية البافلوفية لا تعني المدينة في شيئ. تعني اصحابها فقط و اصحاب البريستيج ، من يبحثون عن الكم و ليس الكيف ، من يبحثون عن ومضة اعلامية اعلاتية كمنظم و ليست من اجل عيون المدينة ... و هكذا..... اغتربت مدننا عن الفعاليات الوطنية القومية الحقة.

توجد اقوال اخرى تقول ان مدننا تنام كالاطفال مبكرا على التاسعة ليلا ، حيث رب البيت يطفئ الانوار و تبدا العجائز في سرد الكوابيس الشعبوية للنوم المبكر !

في الحقيقة المدينة لم تستيقظ لتنام . فالجميع نائم بشر و حجر و شجر ؛  بر وجو و بحر مادامت الثقافة الغائب الاكبر او انها بدورها لا شيئ يجعلها تنتمي الى المدينة.

اعادة الانتماء الى المدينة هي تقييم و تقويم بعض القيم..اعادة تحيين بعض المجالس الثقافية البلدية و الولائية.

اقترح ادماج وزارة الثقافة بالمدينة و البيئة بعد ان و صلت الفنون الى نهايتها .

و انا اكتب هذا المقال تذكرت مقولة الكاتبة ( ليلى عتراتي) في كتابها الروائي " المدينة الفارغة " :

" ان معظم الناس لا يفهمون ان ضجري من الناس ، ناتج عن فراغ الاخرين ، فراغهم من اي شيئ يجعلني اتعلق بهم اكثر من مدة " .

لابد ان نستيقظ قبل ان تستيقظ مدننا .

من الحماقة ان ندع انفسنا تجف على المفروشات. اليس من الحماقة ان نوقظ تمثالا من سبات القرون او كما قال( اورفيوس) في سينما و مسرح كوكتو.

لكن الخشية كل الخشية ان يصب علينا اكبر عملية ( تفريغ) ، تفريغ الكراسي ، تفريغ اللغة ، تفربغ الشوارع ، تفريغ المدن !،

ساعتئذ لم تبق امامنا الا مقولة ( هيمون) و هو يجابه والده ( كريون) في مسرحية ( اونتجونا) للشاعر الدرامي التراجيدي صوفوكليس .

- كريون : اليست البلد لمن يحكم !؟

- هيمون : على من تحكم اذا كان البلد فارغا !؟

فعلى من يحكم حكامنا و قتئذ ، ان كانت مدننا فارغة من كل انتماء انساني ثقافي ؟


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *