الكافيار"، الرئيس الراحل هواري بومدين و الشعب
العقيد بن دحو
أحيانا كثيرة
يظن الملاحظ المتابع ، سواء عن قرب او عن
بعد ؛ مطالب الشعب جنونية ، بل مستحيلة و
لن تتحقق ابدا ، حتى اذا ما وجدت الرجل السميع المناسب في اللحظة المناسبة ، حول
اللاممكن ممكنا .
هذا ليس لغز
(اثينا) العظيم الذي يتطلب عبقرية حلول محتملة. انما مجرد سؤال سذاجة البداية
تطرحه الساكنة كلما اشتد لهيب ارتفاع درجة الحرارة !
تعود الكلمة
العنوان اعلاه ، او ما صار يسمى بقصة " الكافيار" ، يوم ان طالب الشعب
بنصيبه من عائد الكعكة الريعية ، عائد صادرات الجزائر من ثروة مبيعات البترول.
فكانت ساعتئذ
اجابة الرئيس الراحل هواري بومدين : و الله لو طلب الشعب الجزائري " الكافيار
" لهان الامر لشعب غال يستحق الافضل ، الاجمل ، و الاغلى في العالم.
كانت اجابة
بما تتطلبه المرحلة و قوالب العصر ، قطعت قول كل خطيب ، و قطعت حد السيف بورد. حتى
ان كانت الكلمة ديماغوجية اكثر منها واقعا ملموسا.
و "
الكافيار" هو بيض يستخرج طبيعيا و اصطناعيا من سمك خاص يعيش في مياه بحار
خاصة ، عالي الجودة و القيمة الغذائية و
كذا غالي الثمن حتى اضحى يسمى باكلة الملوك و الاثرياء و المشاهير .
هذه المقولة
تشبه مع الفارق ، مقولة " ماري انطوانيت " زوجة الملك فرنسا. يوم قامت
الثورة الفرنسية ، و ثار الشعب الجائع يطالب بالخبز . من اعلى شرفتها قالت الملكة
قولتها الشهيرة لمستشاريها : " اعطوهم البسكويت " !
وكان هذا ما
كان ينقص الشعب الفرنسي الثائر - شبع خبزا - الا البسكويت !.
و الله نحن في زمن الكوميديا السوداء ، حين يضحك
المرء بالدموع ، و حين يبكي بالابتسام او الضحك ، حين تتداعى و تتراسل و تختل
الامزجة و العواطف ، و تختلط المطالب بالامنيات و الاستجابات ، و تتداخل الدوائر
واسئلة الساعة : الى من يتوجه الناس الى
تحقيق مطالبهم...؟ حتى ان كانت حقوقا ريعية ، و حتى ان كانت "
كافيارية"....!
وكم ذا بمصر
من المضحكات *** لكنه ضحك كالبكا
و لنكن عقلاء و نطلب المحال !،
تتكرر
المطالب في مجرى التاريخ ، توشك ان تصير
نفسها ، تعود في كل مرة كعودة التاريخ مرتين : مرة في شكل ماساة و مرة اخرى
في شكل مسخرة !.
تعود ...
تعود هذه المرة في زمن الجزائر الجديدة ، و معطيات ، مؤشرات ، و مكونات الامس
الاجتماعية الثقافية الاقتصادية السياسية ، الجيواستراتيجية المحلية ، الاقليمية
الوطنية العالمية قد تغيرت ، حتى قواعد المناخ الميثيولوجية الايكولوجية قد تغيرت
.
يصير بمسمع
من الجميع حكاما و محكومين ، بالذين هم ( فوق) بالذين هم (تحت) الا من ربى ، ساكنة
الجنوب بشقيه و بقطبيه الغربي و الشرقي يطالبون بمجانية فوترة الكهرباء و الغاز
ابان فترات الصيف ، اين تبلغ درجة الحرارة (70) درجة مئوية ، حالة الانصهار تحت
الظل.
بل يطالبون
مناطقهم ان تصنف بالمناطق المنكوبة الخاضعة للطوارئ الايكولوجية !.
هل هذه
المطالب معقولة ؟!
ان لم تكن
معقولة فهي ليست مستحيلة ، بالقياس لما قدمته الساكنة للجغرافية من دوام استقرار ،
و كذا تاثير الساكنة بالسياسة ، و استتباب الاستقرار في حدود انتشار التسامح و
الامن و السلام..
فعلى من تحكم
اذا كانت الصحراء فارغة و الجنوب بصفة عامة فارغا !؟
ساكنة الجنوب يستحقون اكثر ، فهم عطشى !
كالعيس في
البيداء يقتلها الظما *** و الماء فوق ظهورها محمول.
وحده المرحوم
رئيس الحكومة الاسبق " غبد السلام بلعيد" من احس و شعر بما يعانيه ساكنة
الجنوب ؛ و اقترب من اهاتهم و اناتهم و ما
يتكبدونه في جميع الفصول( صيفا...صيفا...صيفا...صيفا)!
فاثناء زيارة
رئيس الحكومة الاسبق لمنطقة ادرار في بداية الصيف ، و عند اولى تباشير طلائع الصباح
. تفاجا الرئيس و الوفد المرافق له بحجم ارتفاع درجة الحرارة مع بدايات تدفقات
اشعة الشمس فوق العسجدية !.
حينها قال
قولته الشهيرة : " يكفي ساكنة المنطقة انهم مرابطين على ارضهم ، و من المفروض
ان يمكثوا في بيوتهم و نمدهم اعانات مالية مادية من الدولة .
ليعود و
الوفد المرافق له تحت جناح السرعة الى المطار مباشرة ، و من حيث اتى ، قبل ان يصعق
او يضرب بضربة شمس !.
بل الخشية كل
الخشية ان تتكرر المقولة التاريخية ، يوم فرنسا القت القبض على المناضل المرحوم
الشريف مساعدية و رفقائه ، و جاءت بهم الى ادرار ، و القت بهم بساحة (ماسيني)
المسماة اليوم بساحة الشهداء ، ليمر السجناء ببعض المتسامرين الساهرين ، بعد
السلام قال لهم احد المعتقلين :
و انتم بكم حوكم عليكم !؟
كان يظن كل
المنطقة عبارة عن سجن كبير.
صحيح درجة
الحرارة الشديدة تجبر على الساكنة ان يمكثوا في بيوتهم مبكرا ، و كانهم باقامة
جبرية.
من حق
الساكنة في هذا الوقت العصيب ان تطالب بكل شيئ ، و حتى اهل العقل يغيب ، و يصير
يتحسس بنسيم و لو كاذب ، حتى يصتدم بحجم ثقل تلك الفواتير التي تزيد للترمومتر
درجات حرارة ، و للبارومتر ضغطا جويا و دمويا.
مع العلم ان
ولاية ادرار تصنف هذه السنة عالميا من اكثر المناطق سخونة.