اهمية الزمن و الوقت في حياة الامم و الشعوب
العقيد بن دحو
تقول الاغريق
القديمة و من خلالها الاغارقة القدماء :
" ان الزمن لاله رحيم " .
اذا احب الاغريق شيئا جله و عظمه , قدسه و رفع
شانه حتى يصير بطلا ؛ ثم نصف الها ؛ ثم الها بالمرة. حتى اذا صار حلما فردانيا.
بالتراكم و الاضافات يصير حلما جماعيا ثم خرافة او اسطورة الى ان يصير ميثولوجية
ميراثا للفنون و للاداب و مختلف الثقافات و الحضارات و حتى العلوم .
تقول
الاسطورة حين نظر الانسان الاغريقي الاول الى السماء كانت قد اذهلته ، و ادهشته ، حيث الكواكب والنجوم و القمر و الشمس و مختلف
الاجرام السماوية ، فجله و سمى السماء (
اورانوس) Uranus
, ثم نظر الى الارض فوجد حركيات و ستاتيكيات البحار و الانهار و الجبال و الاودية
فسماها ( جيا) Ghea .
و بين السماء و الارض وجد توالي الليل و النهار
فسماه الزمن حتى اذا ما عظمه و جله سماه
اله الزمن (كرونوس) Cronus . يولد له
ابن النهار ، و ابن بالليل فلا يدوم احد منهما . و في يوم ازداد له مولود بهي
الطلعة فخشيت زوجته ( هيرا) من جور و بطش وظلم الزمن ، لفت حجرا في لفاف المولود
ورمت به فم ( الزمن) كرونوس ختى يتوهم بانه اكل ابنه زيوس ، في حين هي تكون قد
اسلمته الى خادمة بعيدا عن الخطر.
معنى هذا ان
الذهنية الاغريقية توصلت الى مبداين هامين في حياة البشر ، مبدا الزمن : و هي فكرة مجردة ، و مبدا
المكان يقع تحت حسه الملموس و حواسه ااخمس.
و لما بلغ
زيوس اشده عاد ليثار من ابيه فنشبت معركة بين العمالقة و زيوس و ابناء الزمن
كرونوس. بدا زيوس يفكر في الانتقام من اببه ( الزمن) ، فتراه يمسك بتلابيب ابيه و
يقذف به الارض.
الواقع فكرة
انتصار زيوس على الزمن / كرونوس هو انتصار ( النهار) ، و يدل ايضا على تجدد الحياة
، و الانتصار على الفناء ، او انتصار المحدود على اللامحدود ، و انتصار النظام على
اللانظام .
لذا قد ترى
في جل المفاهيم الاغريقية ان الاله زيوس هو سيد النظام.
هذه الفكرة ،
فكرة سذاجة البداية وصلتنا الى قيمتين فلسفيتين اساسيين : مبدا الخلق و مبدا
النظام الذي يسود الوجود .
كانت هذه
فلسفة الزمن عند الاغريق كما اعتبرت الزمن الها رحيما. فاحترمته و قدرته و منحته
دورا مقدسا في جمبع مناحي حياتها السياسية و الاجتماعية الثقافية الاقتصادية .
تقجم له القرابين و جوقات الاناشيد و اعياد المجد و الشرف .
و حتى ان
شهدت الاغريق اليوم تاخرا حضاريا بالمعنى المادي و الملموس عن باقي الحضارات
الاخرى الاقل شانا منها اليوم ، فيكفي الاغريق فخرا و عزا انها اوصلت العالم
افكارها المادية و اللامادية ، هي اليوم تنير دروب طلبة العلم و الباحثين ارجاء
المعمورة.
انتبه
الاغريق مقدما الى اهمية الزمن في جل المشاريع الانسانية ، فبقدر ما كان الاستثمار
في ادارة المال و للاعمال كان الاستثمار بنفس القيمة المادية و المعنوية لادارة
الوقت .
لذا لا غرو
ان قسمت الفنون الى فنون زمانية كالمسرح ، الشعر
و الموسيقى و الى فنون مكانية كالعمران و النحث....الخ
بل حتى تلك
المشاربغ السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية هي مشاريع زمانية ، اي احترمت
مدة االانجاز و نوقبت مناهج و برامج
الانجاز .
الوقت كالسيف
ان لم تقطعه قطعك
و تقول حكمة
اخرى : اربع ساعات نوم تعني النجاح و خمس ساعات نوم تعني الفشل !.
فلينظر وقتئذ
كل واحد منا كم ساعة في اليوم ينام !؟
هذا ان كان
قد استيقظ اصلا !
ان الامم و
الشعوب التي صنفت مع الدول العظمى او العالم الاول و تلك التي صتفت اخرة كعالم ثالث سرها الوحبد
الاسر الساحر يكمن في مكون احترام الوقت. اذ الزمن صتر مشروعا محليا و طنيا ، و
مشروعا كونيا له مدخلاته متفاعلاته ، مخرجاته و اثره الرجعي بل له استشرافه الخاص.
الوقت ليس
ماض تاربخي يعاد ، ولا هو الراهن انما الوقت مستقبل و نظام و حكامة و سداد راي و
تفكير راشد.
الوقت بيست
ساعة ذهبية على معصم ،ولاساعة في مرفق عام
او ضبط مواقيت على منبه عمل نمطي تقليدي ، انما الوقت المنجز القومي
الوطني ان تجعل فلسفة الوقت تسري في ادمغة
الناس . تفكيرا و تغييرا.