المدينة الاغريقية التي ابكت العالم دما
العقيد بن دحو
كم كان
سقوطها مدويا و مروعا. ماساة ما بعدها ماساة ، و تراجيديا كونية ما بعدها تراجيديا
كونية !
حزن و اي حزن
، وانات و اي انات !
تمزق وشائج القلب.
و قائلتي ما
بال دمعك اسود*** و قد كان مبياضا و اتت عليل
قلت لها لقد
جفت دموعي من البكا *** و هذا سواد العين منها يسيل.
قيل مذينة
ابكتها الالهة و الابطال و انصاف الالهة في مملكة السماء Uranus
، كما ابكتها البشر و الحجر و الشجر و الجبل و البحر دما.
كان يسمع عويل
بكاء و نحيب الجميع الهة و بشر ،
نساء و رجال و اطفال الى مسافات بعيدة.
يوم سقطت
مدينة الالهة و انصاف الالهة و الابطال و
البشر ( ميليوس) على يد الفرس ايران حاليا . كما
كانت تسميهم الاغارقة (البيسيستراس) / Picisstrasse
اي البرابرة !.
جسدها الشاعر
الجميل ، ملهب المشاعر و مقلب المواجع الشاعر الدرامي (فرينكيوس) / Phrinickius
على خشبة
المسرح سنة (- 494 ق.م). مما اضطرت الحكومة الاثينية بالتدخل لوقف العرض المسرحي ،
رغم القوانين التي سنتها عندما رات حب الشعب الاغريقي لهذا الفن الجميل.
اذا تعلق
الشعب بشيئ صار قانونا .
ورغم التزام
الحكومة بذلك الا ان الضرورات تبيح المحذورات. فتوقف العرض ، بل فرضت على الشعب
غرامة مالية قدرها 1000 دراخما. بل ؛ نوفي شاعرها فرينكيوس الى ايطاليا. كانت
ايطاليا الملاذ الامن و الوطن الثاني و من لا وطن له ، للعديد من الفنانين و
الادباء و المفكرين الاغريق من ابعدوا لاسباب لاهوتية ، لسبب تشككهم في دينهم او
في لائكيتهم او الحادهم بالمرة ، او حسب توجهاتهم و ميولاتهم السياسية او الادبية
او الفلسفية. قربهم اليه الحاكم الايطالي على الرغم من دكتاتوريته ، حتى صارت
ايطاليا محاكاة للاغريق.
وعلى الرغم
الفلاسفة الاغريق كانوا يكرهون المسرح الا ان سقراط كان يتحسر الما وحزنا على
ابعاد فرينكيوس صديقه الشاعر . و كان دائما يقول : انا على استعداد لاسافر ايطاليا
لمشاهدة عرض مسرحية ( مليوس).
لقد قال عنه
الشاعر الالماني (جوته) انه اعظم شاعر انجبته الانسانية.
هذا و عند
الاغريق الالهة و انصاف الالهة و الابطال و الشعراء هم من يؤسسون المدن. لهذا جاءت
(المدينة) بمواصفات و بما تمتاز به الالهة من قوة و قدسية و جلالة و عظمة.
لذا لا غرو ان سميت (بوليس) / Polis ، بمعنى : احسن معلم.
الواقع ان
التفكير الديني و الاجتماعي عند اليونان تفكير خصب ، غني يتلخص في ان الالهة حلوا
في الوجود كله، انها متحدة مع هذا الوجود ، بل ذهبوا الى ان الانسان حل في الاله
بحيث ملئ الالهة بالبشرية و صفاتها ، و كان لهذا اثره على الادب اليوناني و على
المدينة اليونانية لانها امتازت بما امتاز به الالهة من تنوع و تعدد خصائصها.
كانت هذه
الاغريق في صلب حياة المدن. المدينة كائن حي
نشعر فيها بقوة و بقرب من حياتنا بامعان في تفهم مشاكلنا في نغم جميل محبب
الى النفس، له وقعه على القلوب الصادمة وقعا مباشرا.
سقوط المدينة
ايذانا بسقوط الانسان ، بل ايذانا بسقوط القيم الانسانية.
اليوم نشهد
سقوط العديد من مدن العالم جراء الغزو الظالم و الفوضى الخلاقة العابرة للقارات و
لا عين رفت و لا قلب حزن و لا اذن سمعت ،
كل شيئ يجري امامنا و كاننا امام شريط سمعي بصري يسرد احداثه على وقع خطى الرسوم
المتحركة.
لم يعد قلب
احد على احد ، و لا على مدينة و لا على وطن الا من رحم ربي ، لا بالواقع و لا على
ارض المواقع.
سقطت
بغداد...سقطت عدن... سقطت بيروت للثقافة و الحضارة....سقطت كابول.... و سقطت من
يسقط من المدن.
و لان لا يوجد من يمثل و يجسد هذا السقوط على
ركح فن الحياة تسجل الذعوة ضد مجهول و تستمر الحياة مع ابطال الدعوة بالتقادم ،
هكذا كانوا منذ عهد غزو ( هولاكو) الى الغزو الامريكي ، الى الغزو الداخلي داخلي ،
و الضحية دائما المدينة و الانسان و انسنة الانسان. في زمان: هو كل زمان ، و في
مكان: هو كل مكان .
وحده هذا
البيت الش@عري الشاهد على سقوط الاندلس
يذمر بماساة سقوط المدن الاندلس :
اتبك وطنا
كالنسا
لم تحاقظ
عليه كالرجال !