جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

ثقافة الجسد الوظيفة الزمكانية

 

ثقافة الجسد الوظيفة الزمكانية

العفيد بن دحو

منذ ان اجتمع السبعة حكماء الفلاسفة في معبد (دلف) ، معبد الاله ابولو باليونان القديمة حاضرة الاغريق. اراد كل واحد منهم ان يخلد نفسه بقول يؤثر له و يذكر به ، فكتب الحكيم الفيلسوف سقراط ؛ " اعرف نفسك " .

فكانت هذه دعوة صريحة ، ليست مجرد لفظة للحطة و لاشارة سذاجة بداية ، كيما يعرف الانسان نفسه و كفى ، كيفما كانت هذه المعرفة . انما هي معرفة تتعدى المحدود الزمني المجرد و لا المعرفة السطحية. انما من حيث الانسان (عالم صغير)!.

و ما دام هو كذلك ، وقتئذ سوف تتطلب ( المعرفة) اكتشافا لجغرافية الجسد الداخلية السيكولوجية و الخارجية الكوريغرافية ، الانثربولوجية ، و قل لمن علم شيئ فقد جهل اشياء !.

و مع التطور الثقافي و الحضاري ، لم يعد يكتفي الجسد عن مجاراة الخريطة الجغرافية ، او الوعاء او القالب الذي يصب فيه المكون البشري البيولوجي و الفيزيولوجي و انتهى الامر ، حيث يولد المرء ، يعيش ، ثم يفنى ، ثم يصير رميما ، فاين الانسان اذن !؟

هذه جل الاسئلة التي كانت تجابه الكائن البشري يوم ذاك.

 الى ان جاءت عقدة ( اوديب) من فعل النص الدرامي التراجيدي الاغريقي (اوديب ملكا) للشاعر الدرامي صوفوكليس. يوم ان اجاب عن اللغز : " الانسان " و حرر الجسد و النفس معا .

ذاك ان الجسد لم يعد لهوا و لا ترفا  لا لاله او نصف اله او لبطل ، يبدو انه بدا حياته هكذا.....لكن التطور الثقافي و الحضاري جعله ثقافة و حضارة اما الان فهو توعية و تعبئة و سلاح.

و مادام الجسد صار مكونا لغويا ، غايته ان يقوم بحوار انى كان هذا الحوار ، مع اي احد حتى ان كان هذا الحوار صاحب الجسد ذاته . حوار حضاري وفق تعبير جسدي ، غايته ان يعلم ، ان يمتع ، ان يهز ، ان يذهل ، او حتى ان يكون مبعثا عن السرور ، الفرح ، او الحزن او الياس. و من حيث لغة الجسد هي الاسلوب ، و من حيث الاسلوب هو الرجل او هو المجتمع.

عموما ثقافة الجسد مرتبطة بالحركة ، بل بالاشارة التي تسبق الحركة ذاتها.

ثقافة الجسد مرتبطة بديناميكية الجسد اكثر من ان يكون في موضع ستاتيكي ، حيث تكون الحركة منعدمة.

صارت ثقافة الجسد تعبيرا لمجموعة من الرؤى الزمكانية ، واصفة الانسان و بيئته ، و الحيوان و قوقعته. تضاهي رؤية الرسام بالالوان ، و رؤية النحاث بالحجوم ، و رؤية الشاعر بالكلمات و الصور ، و رؤية الروائي بالانطباعات المعاشة ، و رؤية العالم النفساني بوقائع الشعور ، و رؤية الفيلسوف بالافكار.

اخيرا صار الجسد فنا زمكانيا من الفنون الزمكانية ، عمارا و عمرانا ، مستقلا بذاته . كما لم يعد عالة على حامله ، انه خلوده ، نفي اللحظة او اية وحدة زمنية.

لقد استطاع الحوار الفني الذي يبعث به الجسد الخالد الحي المكنون بالطاقات الخلاقة المبدعة ، قادر على تحريرها في اية لحظة من اللحظات ،  و ان يبعث بها رسالة الى الاخر تكفيرا تطهيرا علاجيا ، و في نفس الوقت تفكيريا تغييريا يوقف مصيرا ما.

لم يعد الجسد بعد ان صار ثقافة و فنا زمكانيا ، اذا ما مات و انقضى  الى رميم ، انما الى تحفة نادرة بعد ان توقف الزمن في حركة من الحركات و ضمنت له الخلود.

يمكن ان نتخذ انموذجا من الراقص الزنجي الافريقي و هو يرقص ، يكون الاله او شيخ القبيلة او الجد او الاب هو من يرقص. ينطلق من خلفيته و مرجعيته الثقافية ، حكمة ( سيزار اميه) ، و سجلها (هامباته امبا) : " انه يمسك بالحياة و يعيد توزيعها حسب قاعدة الغناء و عدالة الرقص " .

بمعنى الجسد ليس هيكلا ( ....) اوخزانا بشريا للطاقة ، يمسكها الجسد ، لكن الثقافة تابى الا ان توزعها على الجميع بقسطاس جون ترجسية  و لا سادية مرضية ما حسب قانون الغناء. الغناء بالمعنى العميق للكلمة. و عدالة الفن ، كون محور الفن و غاية مركز ثقله ان يحقق ما يسمى بالعدالة الشعرية.

بمعنى ان الفن قائم على النسبة و التناسب كما يقول ( ستانسلافسكي)

اخيرا : اعرف نفسك ، هي دعوة مجددة ان نعرف حضارة الجسد المادية و المعنوية ، الفنية الزمكانية ، و الا ستكون حواراتنا بالبيت ، بالشارع ، بالعمل ، و في سائر مظاهر الحياة مع الاخر صعبة ، في حاجة الى مترجم ؛  الى من يفك شفرتها ، او ساحر يحل عقد طلاسمها من جديد.

ان لم ندرك مبكرا ان كل عضو و كل حاسة من اجسادنا طاقة خلاقة بديعة و لغة ، سوف نغادر هذه الحياة مقصرين ، دون ان نعطي لهذا (الجسد)؛  النعمة كل معانيها الحقيقية و كل وظائفها الصحيحة الحيوية لاسباب دينية و لا سباب دنيوية ما انزل الله بها من سلطان .

عطلنا الكثير من وظائف الاعضاء ، و بالتالي وجهة نظرنا الى ثفافة الجسد وجهة نظر قميئة ، مهزوزة ، فيها الكثير من الشواش و الشطط  ، فيها الكثير من الدروشة ، و من المدنس و المحرم !

 و كان هذه الاعضاء ليست اعضاءنا ، و كانها خلقت اعتباطا ، لا هدف لها ، و لا غاية انما مجرد وسيلة اضافية لا غير !.

وسيلة صماء لا تختزن اسرار انسانية تاريخية او فلسفية او فنية او ادبية او فكرية.

رؤيتنا للجسد لا تزال (بافلوفية) تخضع للمنعكس الشرطي . و لم توظف بعد لاغراض تجريبية ملحمية بديعة توضع في حالة ابداعية خلاقة ، قادرة للرجوع الى مشروع كينونتنا نكتشفها من جديد ، و من تم ننطلق الى الاستشراف ، او الى ما بعد ثقافة الجسد.

اخيرا كم ينطبق هذا البيت الشعري على لغة الجسد و ثقافة الجسد ، و لكن لا حديث لمن تنادي :

حواجبنا تقضي الحوائج بيننا *** و نحن سكوت و الهوى يتكلم.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *