جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
الكوكب الآخرتاريخعيسى مزوار

الدكتور البخاري حمانة: فيلسوف الثورة الجزائرية


الدكتور البخاري حمانة: فيلسوف الثورة الجزائرية
 1937 ـــــــ 2018
كتب عيسى مزوار

تمر اليوم الاثنين 05 أوت 2019 ، ثمانية أشهر على رحيل الأكاديمي والفيلسوف ،فيلسوف الثورة الجزائرية ، الدكتور البخاري حمانة ،الذي خدم الفلسفة بكل جد ونشاط .
عرفت عالم النفس والفيلسوف د. البخاري حمانة معرفة شخصية واقتربت منه قرابة التلميذ من أستاذه في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، لما كنت تلميذا بالمدرسة الوطنية للإدارة ( ملحقة وهران ) ، كان يدرس لنا مادة " تاريخ الفكر السياسي والاقتصادي " . كنت في تلك الفترة همزة وصل بينه وبين أحد تلاميذه من الدفعات الأولى التي تخرجت على يديه من جامعة وهران ،قسم الفلسفة وعلم النفس ، الأستاذ مختار مضمون ،من أبناء معسكر ، أطال الله في عمره .حيث ، كانا يتبدلان الرسائل بينهما . لكن ، علاقتي به كقارئ ، ترجع إلى بداية السبعينات من القرن العشرين .فقد كنت أقرأ ما يقدمه من محاضرات ، أيام ملتقيات الفكر الإسلامي ،التي امتدت من بداية عام 1970 إلى 1989 . والتي كانت تنشر في مجلة الأصالة الصادرة عن وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية ، التي كان على رأسها المرحوم مولود قاسم ، الذي ربطته به صداقة متينة تعود لأيام دراستهما في جامعة القاهرة ، أيام ثورة التحرير. تتلمذا ، لمدة أربع سنوات ، على يد الفيلسوف المصري المعروف ، المرحوم عثمان أمين . وكان الرجلان جنبا إلى جنب في هذه الملتقيات . والصورة المرفقة بهذا المقال تبين ذلك. كما أطلعت على كتاباته التي كان ينشرها بالمجلات والجرائد الوطنية ، خصوصا جريدة الجمهورية وملحقها الثقافي " النادي الأدبي " . رغم أن المادة التي كان يدرسها لنا ، مادة ثانوية بالنسبة إلى تخصصنا ، إلا أني كنت أهتم بالمحاضرات التي كان يقدمها لنا . ومازلت احتفظ بها إلى حد الآن .كان تأثره بابن خلدون والمدرسة الفلسفية الألمانية واضحا ، من خلال كلامه الكثير حولهما ، عند كل محاضرة .كان ،رحمه الله ، صاحب نكتة ودائم الابتسامة ،فالضحك عنده " إعلان عن حالة عصيان ذاتي " . ويأسرك بثقافته الواسعة .يتكلم في شتى المجالات والمعارف. لا يمل الإنسان من الاستماع إليه ." بارع في اختزال الزمن ،معه يصير الزمن سحابا والوقت رمشة عين ، يبدأ الدرس ثم سرعان ما تحتضر ثوانيه " ( د. بشير خليفي ) .
حياته
ولد صاحب كتاب " فلسفة الثورة الجزائرية " يوم 22 فيفري 1937 بقمار ولاية واد سوف ، أين قضى طفولته .
تلقى تعليمية بجامع الزيتونة بتونس ،ابتداء من عام 1954. وفي هذه المرحلة ، تعمق في دراسة اللغة العربية و تعرف على الحضارة العربية الإسلامية العريقة . ثم ألتحق بجامعة القاهرة ، قسم الفلسفة ، بمصر ، حيث تحصل على شهادة الليسانس في علم النفس سنة 1963 ، ببحث تحت عنوان "الإدراك الحسي عند الغزالي ".
أثناء تواجده بالقاهرة ، كان مناضلا في صفوف جبهة التحرير الوطني إلى جانب متابعة الدراسة بالجامعة . أنتخب رئيسا للإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين . كما نظم عدة ندوات وفعاليات ثقافية خدمة للقضية الجزائرية .
وبعد استقلال الجزائري ،عين موظفا بالسفارة الجزائرية بمصر ، من سنة 1964 إلى سنة 1966 . وبعد ذلك ، مديرا لوكالة الأنباء الجزائرية بالقاهرة والمشرق العربي .وكان من أوائل صحفيها ومراسلها من القاهرة . وفي هذه المدة ، التي امتدت من سنة 1966 إلى غاية سنة 1972 ، عايش الكثير من الأحداث بمصر ، بالوطن العربي ، والعالم .وتعرف على شخصيات كان لها وزنا في الساحة السياسية العربية والعالمية مثل جمال عبد الناصر ، تيتو ، أنور السادات ، ياسر عرفات، معمر القذافي
وفي سنة 1972 عاد إلى أرض الوطن واشتغل أستاذا لعلم النفس والفلسفة بجامعة وهران التي بقي بها إلا أن حصل على التقاعد . ترأس ، بهذه الجامعة ، دائرة علم النفس وعلوم التربية لمدة ثمانية سنوات ( 1972 _ 1980) . وفي سنة 1983 ، أسس أول دائرة للفلسفة ، التي تحولت إلى معهد سنة 1991 ، وكان أول مديرا له ، وذلك ، بعد نضال طويل وصراع مع أطراف أخرى بنفس الجامعة .أعتبر زملائه من أساتذة الفلسفة هذا العمل من أكبر انجازاته التاريخية . كما أنه ، شارك في تعريب تعليم الفلسفة . وتجدر الإشارة ، أن البخاري حمانة قد تحصل على شهادة دكتوراه الدولة ، من جامعة وهران ،حول موضوع " فلسفة الثورة الجزائرية". أيضا كان عضوا نشطا في الكثير من الجمعيات الوطنية والدولية ، فهو
مؤسس ورئيس الجمعية الفلسفية الجزائرية سنة 1998
عضو في الجمعية الفلسفية العربية التي مقرها بعمان الأردن .
عضو بالجمعية الفلسفية البرغماتية بالولايات المتحدة الأمريكية ( بهارفارد) سنة 1988 .
عضو في 
" L’association des sociétés de philosophie de langue française"
شارك في مؤتمرات فلسفية عالمية كثيرة . وسافر إلى بلدان كثيرة
وبعد أكثر من شهرين من المرض والألم ، توفي يوم الأربعاء 05 ديسمبر 2018 بوهران . صلي عليه في مسجد القدس ودفن يوم الخميس 06/ 12/ 2018 بمقبرة عين البيضاء بوهران.
تألم لفقدانه زملائه ، تلامذته ، وكل من عرفه معرفة شخصية . نظمت العديد من أقسام الفلسفة بالجامعات الجزائرية يوما تكريما بهذه المناسبة . وفي يوم 24 فيفري 2019 ، أقامت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة مصطفى اسطنبولي بمعسكر وقفة علمية احتفاء بفكره ونضاله .
أعماله
كتب المرحوم د. البخاري حمانة العشرات من الكتب التي تميزت بعمق تحليلها وبجمال أسلوبها ، مع مزاوجتها بين التراث والتجديد ، باللغتين ، العربية والفرنسية .
أ) باللغة العربية : من أهم هذه الكتب نذكر مايلي :
* " ابن خلدون : حياته وأثره " ، 1986 . تطرق في هذا الكتاب لحياة ابن خلدون ، الذي كان معجبا به كثيرا ، وللقضايا الكثيرة التي طرحها في مقدمته .
* " تأملات في الدنيا والدين "، 2012 . جمع فيه أغلب مقلاته ومداخلاته في الملتقيات .
* " فلسفة الثورة " . وهو بحث نال به شهادة الدكتوراه من جامعة وهران . طبع أول مرة سنة 2005 بمخبر الأبعاد ، ومرة ثانية من طرف دار الغرب للنشر والتوزيع وبعدها بدار روافد اللبنانية . كما أن هذا الكتاب قد تم نشره في حلقات بالصفحة الثقافية " الحياة الأدبية " لجريدة الجمهورية ، ابتداء من شهر نوفمبر 1989 ، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية . وقد تابعت هذه السلسلة من حلقاته
يرى بعض النقاد أن هذا الكتاب هو من أعظم مؤلفاته ، لأنه استطاع ، من خلاله ، أن يعطي لثورة أول نوفمبر 1954 بعدا فلسفيا ، لها دعائم فكرية ، وأنها ثورة مركبة من عدة مرجعيات متنوعة . بينما ، يرى البعض الآخر ،غير ذلك ، من بينهم تلميذه د . قادة جليد " لا يمكن إجراء قراءة فلسفية موضوعية لتاريخنا الجزائري ، إلا في إطار النظرة العامة للتاريخ، وليس التاريخ الجزائري .الثورة الجزائرية مرحلة تاريخية جزئية من تاريخ عام ، وبالتالي أية حركة للزمن لا تكون إلا في الإطار الكلي . وهذه ، هي الإشكالية المنهجية التي وقع فيها المرحوم البخاري حمانة ".
لقد رد د. البخاري حمانة على منتقديه بمايلي :"قد يعيب البعض على هذه الفلسفة أنها لم تعرف منظرين ومفكرين عالمين مهدوا لها ووضعوا أسسها ، كما هو الحال بالنسبة للثورة الفرنسية ( 1789 ) التي عرفت قبل اندلاعها روسو وفولتير ومونتسكيو وغيرهم .والثورة الروسية ( 1917 ) التي عرفت كارل ماركس أنجلز ولنين وغيرهم . والثورة الصينية التي عرفت ماتسي يونغ الخ ... . ولكن ، ذلك لا يقلل من شأن هذه الثورة التي لم تعدم بدورها مفكرين ومنظرين على المستوى الوطني وعلى مستوى العالم العربي الإسلامي الذي ننتمي إليه ، وفضلا على أن عدم توفر مستوى عال من الثقافة للطلائع الأولى لها ، لا ينفي أنها كانت تحمل بالرغم من خبرة وتجربة نضالية مستمدة من الشعب ثبت علميا أنهما أهم من كل الثقافات المجردة والخيالية التي لا صلة لها بالواقع ولا قدرة لها بالتالي على تغيره ".
ب) باللغة الفرنسية :
_ "écris philosophique " ،جمعت فيه أغلب محاضراته باللغة الفرنسية .
_ "écris sur la Palestine" ،جمع فيه كتاباته الصحفية حول فلسطين .
ج) مشاركته في التأليف الجماعي : شارك د. البخاري حمانة في التأليف الجماعي باللغتين العربية والفرنسية في عدة كتب ، فاق عددها الأربعين كتابا ، نذكر منها على سبيل المثال :
_ " أراء حول الفكر العربي المعاصر " . 
_ " ابن الرشد : فيلسوف الشرق والغرب " .
مثل الجزائر عدة مرات في الملتقيات الدولية الفلسفية . وقد كان لمحاضراته ومقالاته ،وقتها صدى . مثل " حتى يظل باب الاجتهاد مفتوحا " ، " فلسفة العمل في الإسلام " ، المنشورة بمجله الأصالة ، نوفمبر 1981 ، العدد 91 ، " الغزو الثقافي من خلال العلوم الاجتماعية ، بالصورة التي نريدها "، " العالم الإسلامي والدراسات النفسية المعاصرة " ، القرآن والثورة ". هذا المقال الأخير جعل آية الله الخميني يستضيفه ويستقبله بإيران سنة 1980 ، " أي ثائر أنت يا محمد ".

من أقواله
• " أين نحن من الواقع الذي تعيشه لغتنا العربية التي لا تزال مطاردة في عقر دارها . هل جعلنا منها حتى مجرد لغة تخاطب وتراسل داخل مؤسساتنا وإداراتنا ومراكزنا العلمية والثقافية والإعلامية ؟ ماهو موقف أولائك الذين لا يزالون يصرون على أن اللغة الفرنسية هي المنقذ الوحيد لبلادنا إلى العلوم ؟ وماهو الدور الذي قام به هؤلاء الذين يتشدقون بحمايتها والدفاع عنها ." الخميس 31/07 / 1980
• " لقد كانت الأمة العربية الإسلامية فعلا وفي كل الأحوال والظروف مع الجزائر تواسي أحزانها وتبكي جراحها وتدعم كفاحها " الأحد 23/ 12/ 1984 .
• " وإذا كنا لا ننفي أهمية الترابط الحتمي بين الأسباب والنتائج في كل موقف تاريخي ( موقفا تحرريا تجاه مستعمر ) فإننا نظل مع ذلك نعتقد أنه من الإجحاف محاولة تغيير حدث في حجم الثورة الجزائرية بمجرد تلك العلاقة الآلية بين الأسباب والنتائج " 02/ 11/ 1989
قال في حق أستاذه المرحوم الفيلسوف المصري عثمان أمين : " عاش من أجل الأمة الإسلامية العربية وعمل حتى آخر حياته من أجل وعيها ونهضتها وتقدمها ". 
• " أنا سأموت ، هذه آخر أيامي ، إني لا أخاف الموت ، فرحمة الله واسعة ، وإن كنت قد ارتكبت بعض الأخطاء فإني أعتبر نفسي قديسا مقارنة بما يفعله الطغاة بشعوبهم". 
• " إن كرامة الرجال تذلها المناصب والكراسي ".
قيل عنه :
_ د . بوزيد بومدين : " إن البخاري حمانة من جيل ترك أثره العلمي وروح النقد في تكوين أجيال من المثقفين والباحثين الذين كانوا طلبة عنده ".
_ د . بشير خليفي :" لا يحدث ذلك إلا نادرا أن تلتقي بأستاذك ، وفي كل مرة يذكرك بعنوان بحثك الذي ألقيته قبل سنوات .كثيرا ماكنا نردد أفكاره ، طرائفه التي تأبى أن ترتبط بغير المتعة وفرحة القلب وما أكثرها " .



***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *