كمبيالة بين حيفا ودمشق
بقلم علي بدوان
صورة كمبياله عمرها
100 سنة، فقط مائة سنة، حُررت بتاريخ 1919 بين تاجر من مدينة حيفا وتاجر من مدينة
دمشق، بمقدار 4480 قرش مرسلة من السيد عبد الرازق الحوري من مدينة حيفا الى السيد
عارف افندي التقي من تجار دمشق. الصورة قبل صدور قرار فصل فلسطين عن سوريا. حيث
كتب العنوان : حيفا، سوريا.
لقد تميّزت مدن
فلسطين العامرة قبل النكبة بأسواقها وحوانيتها، وبضجيج وصخب الحياة على امتداد
شوارعها وحاراتها وأزقتها. وبالمظاهر الحضارية الشاهدة عليها كالمسارح ودور السينما، ونشاط العمل الاعلامي كالصحف والمطبوعات وغيرها. والآن، مر على
مدينة حيفا أكثر من سبعون شهراً من شهور نيسان المتتالية كل عام، وما زال هواؤها
وبحرُها وأرصفتُها وشوارعُها وحجارتُها تتذكَّرُ الحجَّارين والبنَّائين
والصَّيَّادين والبحَّارة وعمَّال المصانع وسكك الحديد والفلاحين والمعلِّمين
والمثقَّفين وغيرهم من أبنائها الذي غادروها عام النكبة بفعل عمليات التطهير
العرقي التي قامت بها قوات الهاغاناه بدعم مباشر من قوات الانتداب البريطاني. كل
هؤلاء تتذكَّرهم وتذكُرهم وتُذكِّرهم مدينة حيفا بأنَّ العودة أكيدة مهما طال
الزمن.
مدينة حيفا، عروس البحر المتوسط، وفردوس فلسطين المغتصب، ضمت في ثناياها
عدة أسواق رئيسية، كان أهمها سوق الشوام (سوق الدمشقيين) في المدينة، الذي ربط
مدينة حيفا بمدينة دمشق برابط كان أكبر من رابط اقتصادي أو تجاري. فمدينة حيفا
كانت على الدوم نقطة استقطاب لسكان دمشق وضواحيها كما كان الحال مع مدن طبريا
والناصرة ويافا وسمخ وصفد....
سوق الشوام في حيفا يلخص الحال الطبيعية التي تقول بأن حيفا ودمشق شقيقتان
وتوأمان من جسدٍ واحدٍ. كان هذا السوق واقعاً قرب حارة الكنائس، وبالقرب من ساحة
الجرينة، مقابل الجامع الكبير (جامع الاستقلال الذي كان يخطب فيه الشهيد عز الدين
القسام) في قلب مدينة حيفا، واختص السوق ببيع المنسوجات والأقمشة المختلفة
والقطنيات والمناشف والبرانص والملابس الداخلية، اضافة للأحذية وغالبيتها من صناعة
دمشقية. ومن بين تلك المحلات كانت محلات تعود للعائلات المدشقية التالية (ملط،
ملص، تابري، حجار، حجازي، نارتو، الملقي، حوتري، حوارنة، فواز، كشورة، السروجي،
الكناني، أصفر، الزعيم، الخطيب، مظفر الحموي، المهايني،
***********************
***********************