ثقافة الهروب
العقيد بن دحو
كنا نسمع من حين
الى أخر عن سياسة الهروب....وعن اقتصاد الهروب....وعن أدب الهروب , وكل هذا عندما
تستخدمة كنوع من التكفير والتطهير , أي أن يكفر المرء عن ذنب اقترفه او لم يقترفه
اصلا , والتطهير من ادران انفعالات النفس بالبكاء او الضحك او الاغتباط والفرح
والتصفيق حتى ان كان المصفق لا يدري لما يصفق.
نحن اليوم نعيش
وضعا ثقافيا مؤجلا بكل المقاييس , ليس وليد اليوم وانما مرده الى ميلاد الحلاكة
الوطنية , حين سبقت الكفاح المسلح واستقلال الأرض أولا وعدم الخوض في اشياء هامشية حتى ان كانت مهمة.
لذا بعد
الاستقلال ظل الحال على عهده , وظلت الثقافة تؤدي وظيفة فلكلورية لا غير , وحتى
وزراء الثقافة الذين عيّنوا على رأس وزارة الثقافة , وكأنهم أختيروا بعناية وتركيز
, بحيث يكونون في منأى عن أس مساءلة ثقافية جادة هادفة تنهض بالفعل الثقافي الوطني
القومي.
كان يهمهم المنصب
لا غير وبعدهم الطوفان , في حين ظلت الثقافة ( كونا) خاملا , وحتى من تولوا
المناصب الثقافية على مستوى المحلي والمركزي , يترقبون ما يصّب في حسابهم بأخر
الشهر بافلوقيا ومنعكسا شرطيا لا غير.
ظلت الثقافة وبما
فيها من مقومات ومن مكونات كثقافة هروب , هروب تارة الى الأمام عبر التأجيل وتارة
أخرى الى الوراء عبر التبجيل وبين تثنية الفعل ونقيضه ضاع المثقف المبدع الخلاّق ,
اما منطويا على نفسه يعد خيباته وانتصارات الماضي.
ثقافة الهروب لم
تعد بشرية بشرية او على النمط التقليدي الكلاسيكي , وانما ساهمت فيه المكننة
ووسائل التواصل الاجتماعي , حين صار الجهاز المحمول الذكي يؤدي وظيفة الإغتراب
بإمتياز. او الى درجة التوحد التكسبي.
صار بما لايدعو
مجالا للشك ثقافتنا تقوم بدور البديل , دور الكومبارس , ولا تقوم ضمن الوظائف
الاجتماعية بالدور الأساسي السياسي المنوط بها من المحلي الى المركزي.
ثقافة الهروب ,
حين تؤدي الثقافة وظيفة غريزية , بغية اشباع فئة جماهيرية او بعض منها فضولا
غريزيا , سرعان ما ينتهي بنهاية اللحظة (....).
ونحن قي حراك
جماهيري تغييري , آ مل ان يقود الى تغيير جاد ثقافي هذه المرة , ليس على حساب
الشخص او المكانة , وانما على حسب الفكرة والأفكار أولا ثن الانسان ثانيا.
الثقافة في مجرى
التاريخ اغتبرت انقاذ , وما يجب ان نتعلمه بعد ان نخسر ونفقد كل شيئ , وآجلا أم
عاجلا سوف تخسر الجزائر ثروة الريع البترولية وبالتالي ما يبقى أمامها إلا الثقافة
والمثقف وما تركه من أثار مادية ومعنوية , تقود قاطرة التنمية من جديد , ولا سيما
عندما تتوقف الكعكة الإقتصادية عن النمو لظروف طبيعية او لأخطاء بشرية , من حيث
الخطأ أصيل بالذات البشرية , يمكن التقليل منها لكن لا يمكن القضاء عليها.
لابد ان نعيد
التقييم والتقويم الثقافي من جديد مؤسساتي ومرفق عام وانتاج ومنتجين , ولنطرح
السؤال المؤجل : ماذا نريد من ثقافيتنا....!؟
***********************
***********************