جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
فعالياتنادي البيان

قيم التوحيد في أوروبا خلال العصر الحديث


قيم التوحيد في أوروبا خلال العصر الحديث

بدعوة من نادي البيان ، وتحت إشراف مديرية الثقافة لولاية معسكر ، ألقى د. أحمد غنيمة ،أستاذ التاريخ بجامعة وهران ، صباح يوم السبت 25 جانفي 2020 ، ابتداء من الساعة العاشرة ، محاضرة ، بقاعة المحاضرات بدار الثقافة أبي رأس الناصري ، تحت عنوان " قيم التوحيد في أوروبا خلال العصر الحديث" .
وقبل بدايتها ، أعلن نادي البيان ، على لسان أحد أعضائه البارزين أ. علي دقاني ، عن مبادرة تتمثل في تكريم كل مرة شخصية تساهم بمشاركاتها بتقديم محاضرات ، محاورات ونقاشات تخص قضايا المجتمع لدعم واستمرار عمل النادي . وأول شخصية تنال هذا التكريم هو البروفيسور غماري طيبي من جامعة معسكر وأعتبر الرئيس الشرفي للنادي لهذه السنة .
نشط هذا اللقاء أ. أحمد صرصار الذي حيا الحضور وشكر الأستاذ المحاضر على تلبيته لدعوة نادي البيان وأعتبره صديقا حميما ، أخا وابن أخ كريم بفكره وعلمه ، بوده ووفائه ، يصدق عليه قول السموأل :
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ** فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها ** فليس إلى حسن الثناء بديل
تعيرنا أنا قليل عديدنا ** فقلت لها إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا ** شباب تسامى للعلا وكهول
و ما ضرنا أنا قليل وجارنا ** عزيز وجار الأكثرين ذليل .
ثم قدم ، باختصار ، سيرته العلمية ، فهو:
_ متحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث .
_ يتقن عدة لغات، منها : الفرنسية ، الإنجليزية ، الألمانية ، والصينية .
_ له مشاركات في ملتقيات وطنية ودولية .
_ له عدة كتب ، منها كتاب " الإسلام في أوروبا " .
_ له مساهمة في كتاب جماعي تحت عنوان " التنمية الاجتماعية في العالم الإسلامي " .
ولما أعطيت الكلمة ل د. أحمد غنيمة ، شكر نادي البيان الذي وصفه بالناشط والمتحسن باستمرار في عمله ، على دعوته الكريمة وهنأه على المقر الجديد لدار الثقافة العاكس للمستوى الثقافي الذي وصلت إليه ولاية معسكر وتزينت به مدينة معسكر . ووجه تهنئته للأستاذ غماري طيبي على تكريمه من طرف نادي البيان نظير جهوده التي يقوم بها بالجامعة وخارجها من بحوث ودراسات. وقال أنه جدير بهذا التكريم . كما قدم اعتذاره عن تأخره عن موعد المحاضرة بسبب عدم انطلاقه من بيته من مدينة وهران في الوقت المناسب .
وكمقدمة لموضوع محاضرته المتمحور حول قيم التوحيد في أوروبا الحديثة ، قال أن بحوثه في الماجستير والدكتوراه كانت حول الإسلام والكتابات الأوروبية حوله . ومن خلال هذه الفترة التي قضاها يطالع في هذا الموضوع ، تبين له أن هناك الكثير من الحركات ، كانت تقترب من التوحيد وكانت مغمورة ، محاصرة ومطاردة من طرف محاكم التفتيش . وأن المسيحية منذ أن كتب القديس بولس رسائله وتم جمع الأناجيل الأربعة ، وقعت فيها الكثير من الاختلافات والانشقاقات . وكانت هناك ثنائية : الاستقامة والانشقاق . أو ما يعرف باللغة الإغريقية Orthodox ( الأوردوتوكسية ) والهايزيز التي تعني الاختيار . وفي بداية القرن الرابع الميلادي ، أصبح هذا المصطلح الأخير أكثر إثارة لأن الكنيسة أصبحت تتشكل وتتكتل ويعتبر كل من يأتي برأي مخالف للرأي العام للكنيسة هرطقي أي مخالفا لصرامة وطقوس الكنيسة . لم يكن ، في ذلك الوقت ، وضوح حول المسيحية الحقيقية . فكانت كل الأطراف تدعي تمثيلها للمسيح عليه السلام والرسل ( الحوارين ) الحقيقيين الذين نقلوا المسيحية . وقد نتج عن هذا الجدال ما يسمى بمجامع المسؤولية التي كان يعقدها المسيحيون من أجل مناقشة المسائل اللاهوتية و العقائدية . ومن أكبرها مجمع اللوذيقية المنعقد في سنة 325 م والذي تدخل فيه الإمبراطور الروماني قسطنطين الأكبر .
بعد هذه المقدمة ، شرع المحاضر في الحديث عن التيارين الكبيرين في المسيحية وهما : الأريوسي والأثناسيوسي.
_ التيار الأريوسي : نسبة لأريوس الذي أصله من ليبيا وكان أسقفا بالإسكندرية . وكل ما نعرفه عن أريوس ، يقول المحاضر ، كان من خلال ما كتبه عنه خصومه الذين كانوا يردون عليه واعتبروه مبتدعا ومنحرفا . ولا يمكن الجزم بأن كل ما كان يقال حوله كان صحيحا . أختلف المسلمون حوله كونه كان موحدا أم أن توحيده هذا كان شكلا آخرا من التثليث . فقد كان يقول بان عيسى عليه السلام لم يكن ابن الله وهو مخلوق في الزمان والمكان وليس أبدي مثل الله، له بداية ونهاية .وبهذا أفزع المسيحيين وألبهم ضده ، وهو بالنسبة لهم منحرفا . يقول ابن حزم أن أريوس كان موحدا بالتوحيد الذي جاء به عيسى عليه السلام باعتبار أن الله خلق هذا النبي من غير أب كمعجزة وأوحى له .انتشر هذا المذهب في الشرق إلى غاية الفتح الإسلامي .في الكتاب الذي بعثه الرسول (ص) إلى هرقل يدعوه فيه للإسلام ، جاء في آخره " ... فإن عليك إثم الأريسيين " . وفسر أغلب علماء الحديث بأن الأريسيين هم فلاحي مصر التابعين للسلطة الرومانية في ذلك الوقت ولم يشيروا صراحة على أن هناك فرقة في المسيحية لا توافق على التثليث تسمى الأريوسية . وهذه المسألة لم يتم الفصل فيها .
_ التيار الأثناسيوسي: يجمع هذا التيار أتباع أثناسيوس أسقف الإسكندرية الذي استطاع إقناع الإمبراطور قسطنطين بنظريته التي تقول بأن المسيح هو ابن الله وأن الله متكون من ثلاثة أشخاص الأب ، الابن وروح القدس ( الأقانين الثلاث ) .فقد كان الإمبراطور وثنيا يؤمن بأن هناك آلهة وأنصاف آلهة ، ويمكن لله أن ينزل إلى الأرض وينجب أبناء . كما أن هذه المعتقدات كانت معروفة في الأمم القديمة : البابليون ، المصريون و الإغريق .ولما انتصر قسطنطين للتيار الثاني ، أصبح الأريسيون متهمين بالبدعة . وانتقل مذهبهم ، الذي كان مخالفا للتثليث المتبني من طرف الإمبراطورية الرومانية التي أجبرت الناس مع الكنيسة على الإيمان به ، من الشرق إلى غرب أوروبا. كما انتشر بين القوط الشرقيين بسبب العداء القائم بينهم وبين الرومان . وهناك من يرى أن ظهور الوندال في شمال أفريقيا كان بسبب اضطهاد القوط الموحدين من طرف الرومان الذين فروا كقبائل عبر فرنسا إلى إسبانيا ومضيق جبل طارق إلى غاية المغرب ، وقضوا على موريتانيا الطانجية ثم موريتانيا القيصرية في شرشال حتى وصلوا إلى مدينة عنابة . وكانوا مستاءين من القديس أوقستين لاستغلاله السلطة الرومانية لقمع الدوناتيين الذين كان أغلبهم من البربر والذين اعتبروا الوندال الأريسين إخوانا لهم في العقيدة والرومان عدوا مشتركا لهم. قضى الوندال على الوجود الروماني وأسسوا بما يعرف بالمملكة الوندالية التي دامت حوالي 150 سنة .
وفي جنوب فرنسا ، ظهرت حركة التهارقيون الذين كانوا يميلون إلى الأريوسية ، والبعض منهم كانوا من أتباع ماني أحد فلاسفة أرلبي من بلاد فارس الذي آمن بالثنائية في كل شيء : النور والظلمة ، الحياة والموت ، الخير والشر ألخ ... . لكن الكنيسة جهزت لهم حملات عرفت بالحملات الصليبية للقضاء عليهم خاصة في منطقة ألبين . إن التأكد من مبادئ التوحيد لهذه الجماعة يحتاج إلى دراسة وبحث .

والمؤكد لدينا ، يقول المحاضر ، هو أنه بعد نهاية العصر الحديث وبداية النهضة الأوروبية ، خاصة في القرن 14 م ، بدأ الناس يجرؤن على مواجهة الكنيسة التي لم تعد تلتزم بالمبادئ الحقيقية للمسيحية المتمثلة في السلم ، التضامن ، الأخوة والتسامح ، بشكل علني . ظهرت في هذه الفترة أسماء كبيرة ، أشهرها :

_ميجيل سيرفيت: ولد في شمال شرق أسبانيا . درس ودرّس بتولوز بفرنسا ثم انتقل إلى الكثير من البلدان الأوروبية : النمسا ، ألمانيا وسويسرا . كان باحثا كبيرا نسيب إليه اكتشاف الدورة الدموية الكبرى وفصل فيها . كما كان بارعا في علم التشريح ومارس الطب .بالإضافة إلى كتابته اللاهوتية والدينية . لم يعمر طويلا وعاش 42 سنة فقط، توفي سنة 1550 م حرقا بمدينة جنيف السويسرية بعد تقديمه إلى محاكم التفتيش وحرق كتبه بسبب إعلانه صراحة في كتابه الأول أخطاء التثليث Les erreurs de la trinitéالذي قدمه للطباعة في ألمانيا بأن مسألة التثليث لا يقبلها العقل. بعده انتشرت فكرة معارضة التثليث وكان لها أنصارا في ألمانيا ، فرنسا ، سويسرا وإيطاليا .

_ أدم نويزر : الذي كان أكثر جرأة من ميجيل سيرفيت. في بدية حياته ، كان ينتمي للكنيسة البروستانتنية اللوثيرية وأصبح قسا في مدينة هايدلبرغ بألمانيا . وبعد مطالعات ودراسات ، اكتشف أنه يستحيل ، من الناحية العقلية ، أن يتطابق مفهوم التثليث مع الفلسفة الطبيعية ولا مع مبادئ العقل المشترك للناس وبالتالي يصعب فهمه . وبعد تفكير عميق ، كتب أدم نويزر رسالة وجهها إلى السلطان العثماني يعلن فيها استعداده اعتناق الديانة الإسلامية ، التي وقعت في أيدي الكنيسة وسلمته لمحكمة التفتيش وحكم عليه بالسجن ، بعد مدة أستطاع أن يفر منه ويصل إلى القسطنطينية ويعلن إسلامه بصفة رسمية أمام السلطان العثماني .

في نهاية محاضرته ، ذكر د. أحمد غنيمة أشخاصا آخرين عارضوا التثليث ، منهم : الشاعر البرتغالي سان سيبستيان فاستيفيقا الذي أعلن إسلامه في بلاط السعديين ، والكاتب الألماني ليسينغ الذي كانت كتابته تقول بأن العقيدة الإسلامية هي العقيدة التي تتطابق مع الفلسفة الطبيعية أكثر من المبادئ التي جاءت بها الديانة المسيحية ، رغم أنه لم يعتنق الإسلام . عاش في القرن 18 م ، عصر الأنوار . وتكلم في كتاباته عن أدم نويزر .
وختمها بقوله ، كانت هذه مجرد إشارات من هنا وهناك حول من عارضوا التثليث والذين لا ندري إن كانوا حقا موحدين حسب التوحيد الذي نعرفه اليوم في الصفات والذات . ولا نجزم بأن المبادئ التي جاءوا بها هي قيم للتوحيد الحقيقي ولكنها كانت محاولات لمعارضة الكنيسة متأثرين بالثقافة الإسلامية ، خاصة في القرن 12 م لما تم ترجمة الفلسفة الإسلامية من اللغة العربية إلى اللاتينية وأصبح لأفكار ابن الرشد ، الغزالي ، الفرابي والكندي صدى لديهم.
تبعت هذه المحاضرة ، مناقشة ثرية بتدخلات الحضور وأسئلتهم حول التوحيد في المسيحية الذي اعتبر أحد المتدخلين بأن الصليب هو جوهره وأن المسيح عليه السلام هو المخلص الأكبر جاء لخلاص البشرية .له طبيعة ثنائية : ناسوتية ( بشر ) ولاهوتية التي أقر بها الإسلام ( المسيح هو روح الله وكلمته ) والمسيحيون يؤمنون بإله واحد . وقال متدخل آخر ، رسميا الديانات الثلاث ديانات توحيدية والفرق بينهم يرتبط بمستوى الصرامة . يأتي الإسلام في المرتبة الأولى من حيث الصرامة والغرامة . فيه يظهر التوحيد بشكل منطقي وعقلي . وهذه العقلانية لدى المسلمين أخذت بها الحضارة الغربية وجعلت المسيحيين يصححون خلل المسيحية ويدخلون العقلانية في التوحيد . فوجدوا أنفسهم أمام خيارين : إما أن يذهبوا إلى التوحيد الإسلامي أو إلى العلمانية، فاختاروا هذا الأخير الذي هو توفيق سياسي أكثر منه ديني .
وجاء رد المحاضر بان المسيحية ولدت من رحم اليهودية . والحواريون كانوا من بني إسرائيل ومعتقدهم اليهودية .وكان اليهود ينتظرون قدوم نبي يعيد لهم السلطة السياسية ويخلصهم من عبودية الشعوب الأخرى ، فجاء عيسى عليه السلام بشريعة تدعو للسلم فخيب رجاؤهم .فرشوا به إلى الرومان بأنه يؤلب الفقراء ويدعوهم إلى الثورة عليهم .وقد تصالح المسيحيون مع اليهود وبرؤهم من قتل المسيح واليهود ليسوا موحدين . وهناك مغالطة في الحوار الإسلامي المسيحي ، فلا توجد ثلاثة ديانات توحيدية وإنما ثلاث ديانات سماوية .
ختم هذا اللقاء بأخذ صورة جماعية تذكارية مع د. أحمد غنيمة

بقلم الأستاذ عيسى مرور



***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *