خِتام ميّاس....وارتقاء المعنى بالمبنى)___
_قراءة فى قصيدتها"فى فيافى الهيام "_
*شاعرة الأردن(ختام ميّاس) مازال الشعرُ العربى
مصوناً برِفقتِها..يمشى الخُيَلاء ،مرفوعَ الهامة..واثق الخطوة يمشي ملكاً .
*هى من الأردن، وفى
العاصمة"عمّان"فى٣-١٢-١٩٩٨م
أُعلِنَ فى مؤتمر صحفى
عن حركة إحياء للدراسات الكلاسيكية وتجديدها من خلال مدرسة جديدة ،
هى "المدرسة
الأوغاريتية"التى تُعنى بتشكيل لوحة التاريخ القديم،وكان من أهم
خصائصها:دراسة الأدب
دراسة موضوعية ،وجعل
منطقة اللاشعور الإنسان
ذات إرادة.
*وما مِن قصيدةٍ
قرأتُها لها،إلاّ وجدتُ احتفاءً بمفردات البيئة العربية القديمة ،تعيد تشكيلها
وتُحسنُ توظيفها فى صياغة قضايا الوطن والذات..
وهو مزجٌ لايستطيعه
إلاّ المتمكّن فى فنون العربية
ولايتمسّكُ به إلّا من
كانت نوازعُه تفيض عشقاً لتراثِ أُمّتِه ،ويعدُّ ذلك أحدَ أهمِّ مقوّمات شخصيّته
العربية وجُزءاً
لايتجزّأ من روح الإنتماء لتلك الأُمة
فى أصالتِها وعراقتِها
.
*فى قصيدتها"فى
فيافى الهيام" تشعر كأنّ القصيدة
كلَّها كُتِبَت بدفقةٍ
شعورية واحدة بلا فاصل زمنى...
اكتنفتها وحدة
المشاعر..لم تتعمّد الأفتعال..تستمد
جذورها من التراث
العربى الأصيل:
كيفَ
الأساطيرُ أن تفتىَ
لهُ كَذِبا
أن يبتغى الوصلَ حتّى آخرَ الرَّمَقا
......
يستجمعُ القاعَ والأشلاءَ إن غضِبا
مِن عشقِهِ صارَ مجنوناً وقد غرِقا
..............
مرهونةٌ فى جوى الأحبابِ هيبتُه
إن راح يهذى بأن هذا الذى اعتنقا
...............
الرَّوضُ والأوجُ والنّسرينُ طلعتُهُ
واللّحظُ
إن ماجَ يا ربّاهُ إن دفقا
___
*تتجلّى صورةُ الشِّغرِ
العربىِّ القديم فى أبهى رداء..
ويرتقى المعنى
بالمبنى،ذلك المعنى الذى ينبعثُ من
ذاتٍ واعية ،لتُقدِّمَ
لنا تجربةً ذاتياً عاطفية فى قالَبٍ
عربىًِ أصيل:
فى هودَجٍ جاءَ والأعطافُ يردفها
زُلفى
ومنها ثُغورُ الهالِ
و الحبَقا
.............
فى
كُلِّ صدغٍ لهُ تحتارُ
قافيَتى
وا حيرَتى إن أبانَ السَّهم وانطلقا
..............
تطيبُ من ريقهِ الأغصانُ إن صُنِعَت
منها
المساويكُ قد يرتدّ
إن بصقا
.....
والمُسكرات التى
فاضت مشاربُها
كم جذوة فى رحَى المُشتاقِ مُرتفقا
..............
منّى يكيلُ اللّظى أخشابَ
موقدُه
فى
غفلةٍ قد رماهُ
شادِنُ العنقا
__
*اعتزازٌ بمفردات
البيئة العربية القديمة ،من خلال ذلك الاتصال معها...فنجد فى ألفاظها(الهودج/شادن
مساويك)..كقول (طُرفة
بن العبد):
وفى الحىِّ أحوى ينفضُ
المردَ (شادِنٌ)
مظاهرُ سمطَى
لؤلؤٍ وزبرجَدِ
_وفى معلٌَقة (امرئ
القيس):
وتعطو برَخصٍ
غيرِ ششنٍ كأنّهُ
أساريعُ ظبىٍ أو
(مساويكُ)إسحِلِ
_إلى جانب تأثّرها
بألفاظ القرآن الكريم،فى:(جذوة/
زُلفى/مرتفقا/لظى).
*يطيبُ لها التعامل مع
اللغة العربية فى جذورها
وأهم مصادرها،وتدفع
بمشاعرها كيف شاءت من خلال هذا الشكل الكلاسيكي الذى غادره كثيرٌ من الشعراء ،لكن
يبقى للعربية والقصيدة الكلاسيكية
شعراؤها الذين يتشبّثون
بها ويدافعون عنها بالتواصل معها كتابة وصدقاً ،ويحرصون على جعلها
أهم ملامح هُويتنا
العربية...فقد فقدنا الكثيرَ من ملامحنا، فلعلّ ذلك يُبقى لنا شيئاً منها..اللغة
العربية
والقصائد التى تحملُ
سرَّ جمالها...كقول شوقى:
إنَّ الذى ملأ
اللغات محاسناً
جعلَ الجمالَ وسرَّه فى
الضاد
_ونختم للشاعرة من
قصيدتها:
أهوى خيالى
إن غازلتُهُ ترفاً
أو قاتل الحرن فى عينىَّ إن شهِقا
*تحياتنا للشاعرة
العربية الأصيلة ،مع دوام التوفيق
_______________________
حامد حبيب _مصر ٢٣-٦-٢٠٢١م