باسم عبد الكريم العراقي
{الاصالة / الحداثة صراع الغياب والحضور } / محض رأي
الحداثة الادبية العربية ليست
ترفاً ، ولا عجزاً عن اعتماد ايقاعات البحور العروضية كبنية نغمية لنصوصها الشعرية
. وقبل الاسترسال اود ان اتطرق الى ( نزعة الحداثة ) التي سكنت روع وفكر كبار
اعلام الادب والشعر في تاريخنا الادبي المذكورين ادناه ، مما يدلل على ان الحداثة
ليست بدعة او هروباً من ( القيود الفراهيدية العروضية ) :
ـ المبرد : خصص كتابا كاملا عنوانه
"الروضة" . حيث ذكر فيه "وليس لقِدَمِ العهدِ يُفضَّلُ القائل، ولا
لحَدَثان عهدٍ يُهتضَم المصيب، ولكن يُعطى كلٌّ ما يستحق ".
ـ ابن قتيبة : أكد على أهمية النص الشعري بذاته ( اي دون الاهتمام
بمرجعياته ) بصرف النظر عن قائله وعن الزمن الذي قيل فيه.
ـ ابن جني : دافع عن المتنبي مشيرا إلى أن الحداثة قيمة بذاتها، مؤكدا على
الفرادة والإبداع.
ـ ابن رشيق القيرواني صاحب كتابة " العمدة " : ذهب إلى ان
"اللفظ " للأقدمين و"المعنى" للمحدثين.
ـ بشار بن برد : يعد أول المحدثين بالمعنى الإبداعي ،والخروج على
عمود الشعر
ـ أبو نواس وأبو تمام : رفضا تقليد
القديم , باختلاف مسلك كلا منهما حيث جعل الاول (الحياة/الشعر ) متطابقين متفاعلين
، وتجاوز الثاني شعره العالم الواقعي.وهما
هنا جاءا "بالمحدث" في مفهوم الشعرالعربي
ـ هناك نواع تعبيرية فنية أخرى لها ايقاعاتها الخاصة المبتكرةر( او
المتأثرة بما هو سائد من بُنى ايقاعية في بيئتها الاندلسية ) وهي لاتمت للعروض
بصلة، ومنها ( الموشح ،الدوبيت ،الكان كان ،الزجل والمواليا ).
أن الحداثة في ادبنا العربي هي
نتاج التغير المكزماني الذي شهدته الحياةالاجتماعية، السياسية والاقتصادية، للشعوب
العربية عبر تاريخها سلباً ( بفعل تضافر
عوامل الانحطاط الحضاري و توالي الازمات جراء صراعاتها الداخلية وتعرضها
للاعتداءات والاحتلالات الخارجية )،او ايجاباً ( تلاقحهم الثقافي مع شعوب المعمورة
)، واقعاً لم يعهده العرب في ماضيهم
،تغيُّر مثَّل الظرفَ الموضوعي المحفز
لظهور ماهو غير مسبوق في حياةالمجتمعات العربية من ( افكار،صراعات طبقية ، قبلية
، دينية ، سلوكية وغيرها ) مثلت تحدياتٍ هددت ،ومازالت ، هويتهم القومية و كيانهم
الوجودي ، ..الخ ، احتاج الاديب للتعبير
عنها فنياً لأساليب ادبية غير مسبوقه بدورها ( الادب منتَج اجتماعي ) فولدت
الحداثة ومن بعدها/ مابعد الحداثة ، كآلية نصية خطابية ، متماهية مع واقعها ، من
خصائصها التعبيرية :
الفصل بين الألفاظ /الاشارات ومعانيها / دلالاتها
.فاذا كان الاسلاف هم مرجعية
الالفاظ اللغوية لأصالة أعراقهم وفصاحة لسانهم ، فان المحدثين هم من وضع لها
المعاني المبتكرة ،المولدة من رحم تلاقحهم مع الثقافات الاممية التي انفتحوا عليها ، وما خلفته الأحداث التي
شهدها واقعهم الحياتي من دلالات ،و معانٍ متعالقة مع تلك التغيرات المستجدة التي
مرّ ذكرها .
ان مايُثار من خلاف بين ( الاصالة والحداثة المعاصرة ) سببه في رأيي تعريف كلٍّ منهما للشعر ، فاصحاب الاصالة
يذهبون الى أن الشعر يعرف بلفظه / اي انه منتَج ، بينما يعرفه الحداثويون بمعناه /
فهو عندهم منتِج.
اما موضوعة عامود الشعر والبحور،
فهي تخص الشكل ، ولاتمثل سبباً حقيقياً لخلاف جوهري بينهما .
وارى ان الحداثة إبداع وتمرد على قديم الاشكال والاساليب الادبية ،
بقصد ( الإضافة ) النوعية للتجربة الشعرية العربية والانسانية ،وهي باضافتها هذه
تكون مطورة للتراث لامنقطعة عنه.
ـ باسم العراقي ـ