مرثیه وطن غرق شده خوانش انتقادی از شاعران افغانستان( مرثيات للوطن الغريق)قراءة نقدية لشُعراء فارس
(مرثیه وطن غرق شده)
_خوانش انتقادی از شاعران افغانستان_
_________( مرثيات للوطن الغريق)__________
_ قراءة نقدية لشُعراء فارس_
-----------------------------
ترجمة وقراءة :[حامد حبيب_ مصر]
ترجمة وقراءة :[حامد حبيب_ مصر]
¶|
مؤتمر"ملتقى النقد الأدبي العالمي"¶|
_اليوم الثاني (٢٢يناير ٢٠٢٣م)
فى كل بلاد القهر والاستبداد ، والذُّل والاستعباد
تجد السبقَ
للأُدباء ، فى الصفوف الأولى على جبهة
التحرير
والتغيير، سلاحهم ذاك القلم
الذى لايهاب
شيئاً ولا
يخشى احدا.
والشعراء على
وجه الخصوص هم فرسانُ المواجهة
..
ينقلون مواجعَ الشعبِ وأزماتِه ، ودموعَه
وآهاته ،
ويستطيعون رسمَ لوحةٍْ عامة تعكسُ كلّ ذلك ، بما
لديهم
من قُدرات خاصة
يتّسمون بها على شحذ الهِمَم
وإثارةِ المشاعر نحو التغيير... فالشعرُ
غَضبةُ
الشعب ، ومَن
لايتّقى غَضبةَ الشعبِ فإلى زوال.
والشعراء _
مُهمّتهم _ رسم
وتصوير الحالة السيكولوجية
للشعب، لانها خُلاصةُ معاناته فى كبت
حريته،والظلم
الواقع عليه وسوءأحواله الاقتصادية
والاجتماعية
والسياسية،فالشِّعركاشفُ لحالاتِ الكبت
.. يعكس
المرئى والّلامرئى من المشاعر ويصوغها كلماتٍ كالصواعق فى وجه الظلم،
فيستثير القلوب
ويلفتُ
الأذهانَ..فهم قائدوا حالات الاستنهاض .
................
الشعوبُ التى
لها ماضٍ عريقٍ وتاريخ مجيد ، يقوى
فيها الأدب ،
لامتدادِ جذورِه وتأصُّله عبر التاريخ.....
والتى خاضت
تجاربَ مريرةً منها، من احتلالٍ وتمزُّق
واستبداد ،
فالأدبُ فيها هو المُحارب الأوّل .
وأفغانستان
... تاريخٌ طويلٌ تبدأ زهرةُ
شبابه عند الفتح الإسلامي له
،فكانوا خيرَ عَونٍ له وهم ناصروه
المخلصون،وكفى
أن نشر الإسلام فى أوسع حملاته،
فى شبه
القارة الهندية ، انطلقَ من تلك
البلاد عن طريق الدولة الغزنوية عن طريق السلطان ( محمود
الغزنوى) فى
غزواته السبعة عشر .... وكذلك أبلى الغوريون بلاءً حسناً
فى نشر الإسلام ، فقد
جاب (السلطان الغورى) الهندستان غازياً من البنجاب إلى البنغال فى فتوحات
متواصلة استمرّت ثلاثين عاما. وماقدّمته تلك
البلاد من علماءَ
وفقهاءَ وفلاسفة
أفادوا الأُمّةَ والعالَم.
ولما قامت
(ثورة ٢٣يوليو سنة١٩٥٢م ) فى مصر،
واخذت مصرُ
تحتلّ بسرعة مركزها اللائق، اختارت
افغانستان سفيراً
مُثقّفاً ثقافة عربية
ليمثّلها لدى
مصر ، وهو
السيد (صلاح الدين السلجوقى) والذى
انتُخِب عضواً
فى "مجمع اللغة
العربية" بالقاهرة،
تقديراً لخدماتِه
الجليلة للُّغة العربية التى
يؤمن
بأنّها لغةُ
القرآن الكريم، وإنه يجب ان تظلّ محافظة
على سُمُوّها
، وألّا تنحدر إلى مستوى العاميّة ، الذى
يريدها لها
أعداوها، كما كان مؤمناً بانَّ اللغةَ العربية
هى الرباط
الوثيق الذى يربط
بين المسلمين فى أرجاء الارض .
وتدور
على افغانستان الدوائر ، فتجتاحها جحافل المغول والتتار ،
ثم نزاعات على
السلطة وتمزّق.. تمر القرون وتحاربها
بريطانيا لسنوات وتحتلها، يقاوم الشعب وتعجز بريطانيا
،تخرج ثم تعود بعد الحرب العالمية.. ثم تقع
فريسةّ للغزو السوفييتى
لما
يقرب من عشر سنوات ، ليخلف
الغزو بعده صراع الجماعات
الإسلامية الذى ترك أثراً دامياً على
الأمة وليس
أفغانستان وحدها التى اكتوت بنيران
ذلك الصراع ،
ثم ينتهى الأمرُ إلى اتون طالبان الذى
ركبَ السلطة
فى البلاد من خلال سيناريو
غامض
أغرقَ البلاد
فى متاهاتٍ ودوًاماتٍ وخراب.
كل تلك
التراكمات التاريخية تركت أثراً جليّاً وعميقاً
لدى ادباء
افغانستان وخاصة الشعراء منهم.
ذلك الأثر
سنجده فى بعض النماذج التى قمنا_
من
خلال فتح
قنواتٍ للترجمة معهم_ بترجمة بعضها.
------------------
_فهاهو (صادق
عصيان) الشاعر الأفغانى الذى ذهب
إلى شتوتجارت
بألمانيا ، بعدما صارت البلادُ طاردة ً
لابنائها ،
يقول وكأنه واقفٌ بقُربها على قمة
جبال
الهندوكش
العالية فى افغانستان يرسل إليها دمعاته
ويرثيها قائلاً:
ما مِن قلبٍ إلا وهو مجروح بالوطن
الذى صار قطعةً ....
من فحم شجر التوت والعِنَب
ودموعٌ تذرفُ حسرةً عليه
قلوبٌ مكلومة
على وطنٍ ....
لم تبقَ منه إلا حجارةً
و أوانٍ وطينٍ وتُراب
_إنها صورة
تُجسِّدُ الخرابَ الذى آلت
إليه البلاد
ومدى الحزن والحسرة على ضياعه ، وقد جسّدَ
ذلك
فى صورةٍ مُختزَلة ،
لكنها تُوحى بالفقد
ومرارة الغربة ، وظلامية المستقبل .
--------------------------
والشاعرة :
(لطيفة قادرى راسخ)...تكشف عن بعض
تلك الآلام
فى قصيدته"عالَمٌ مُضطرب" فتنعى وطنها
بقولها :
وطنى.....!
أرى حالك اليوم وانت تتألم
ارى سماءَك مُغبرَة
أعرفُ سبَبَ اغتمامِك
إنه بسببِ عديمى النخوةِ
لكنّى سأظلُّ عاشقةً لِتُرابِك
فخورةً بك للابد
وكلّ مَن أراهُ مُنتمياً لك
فذاك فى نظرى هو الرّجُل
.........
انا... خائفةً من تلك
الحياة
بسببِ ما انت عليه ياوطنى
باستسلامِك لآونَةِ
القهر
اراك تغرقُ فى مستنقعٍ شَرّ
_ ترى أنّ
الذين استبدوا بالسلطةِ وأغرقوا البلاد
فى مستنقع
الشرّ هم فى الاصل عديمى النخوة
والرجولة ،
وأنَّ الرجولةَ تكمُن فيمن ينتمى لهذا
البلد ويحبه
ويعمل لصالح شعبه.
................
وهى فى
قصيدةٍ أخرى، تحدّثنا عن مدى الآلام التى
تكتويهم ،
فتقول :
حياةٌ من الحصارِ والسجن
والصمتُ فوقَ رءوسِنا ....
يُحلِّقُ بأجنحتِه
ظلامٌ فى كل وقت
وهم يعيثون فى الأرضِ فسادا
_ تلك هى
الصورة الموجزة لطبيعة الحياة التى
يعيشونها تحت
وطأة الطاغين المجرمين.
_____________________
اما الشاعرة(
رنا مقتدر) فتتزاحمُ الأوجاعُ فى قلبها
حزناً على
وطنها ، من خلال حديثها عن الذكريات..
وصعبٌ إن
تتحدّث عن الوطن كذكرى .. فمعناه أنه
قد
سُرق..فُقد للأبد، وهذا ماتبقى منه.
فى اختزالية
شديدة التأثير، ترثيه من خلال لفظة
"الذكريات"
تقول :
الثلجُ فى هذا الشتاء
كستارةٍ حمراء
يسقطُ رويداً...رويدا
وأنا...عالقةٌ بالذكريات
أستدفئُ بمشاعرى الرومانسية
_فالثلجُ على
غير طبيعته..إنه كستارةٍ حمراء، إيحاءٌ
بالدماء التى
تسيلُ على جدران الوطن،دماء الضحايا
الأبرياء من
ابنائه..وهى إذ تتمسك بالذكريات ، حُبّاً
للوطن
،وتتسلّى بمشاعرها الرومانسية للتخفيف من
وطأةِ المشهد
الدموى.
...............
وفى
قصيدتها:" أهربُ من نفسى" تقول:
أهربُ من
نفسى
من تلك
المرأةِ الحبيسةِ بداخلى للابد
أهربُ من كل
النوافذ التى تواجه الظلام
اهرب من نفسى
من كل
الطُّرقات
........
خائفةٌ من
البيت....من مفتاحه
.....................
_ تصوّر لنا مدى
الخوف والرعب الذى ينتابها
لتترجم من
خلاله تلك الحالة التى تنتاب الجميع
من خلالها.
إنه انعكاسٌ
لطبيعة الوضع المُعاش ، حتى كان الهواء
الذى
يتنفسونه مُرعِب ومُخيف، حتى صار الإنسان خائفاً من نفسه.
وتقول فى
قصيدةٍ اخرى :
.........
سحابةٌ مظلمةٌ فوقَ حُجرتى
ودمٌ يصرُخ
ودموعٌ فى عينى تحطّمنى
صار الوطنُ قبراً
يبتلعُ كلَّ الأمانى
انا شجرة ميّتة
انا مُحطّمة
احلامى المخدوعة
تصرخُ فى حنجرتى
_______________________
_ برغم كل
تلك المعاناة ، فالشعرُ لايعرفُ السلبية
ولايستطيع ان يكون مجرّد دموع ورثاء......إنما
الشعر دائما
ما يكون له موقف مع الحياة،فإن كان
هو المُعبّر
عن مشاعر الشعب ، فهو ايضاً المدافع
عن
أُمنياته واحلامه ، مهمّته إن يحشد كل تلك
المشاعر
ويوحّد جبهتها ويدفعها للمطالبة بحقوقها
فى
الحياة..ان يكون له صوتٌ أقوى من كل سلطان
لانه يمثّل
سلطان الشعب ..
ولقد اتخذت
(هدا خموش) موقفاً من خلال حشد
متواضع
للمطالبة بالوقوف مع المرأةِ الافغانية فى
محنتها مع
"طالبان" من خلال كلماتٍ كتبتها ، أثارت
جمعاً من
الأحرار الشجعان ، فوقفوا معها فى وجه
الطغيان
لمساندة وحماية المرآة الافغانية ، فكتبت :
" Stand with
women in Afghanistan"
لتلفت بتلك
اللغة انظار العالم لفضح "طالبان"بعد
أن اظهرت صور
التعذيب التى تتعرض لها المرأة
الافغانية
على أيديهم..وكتبت كلمات موثّرة:
أيّاً كانت
تلك المرآة
امك..ابنتك...أوآلاف
النساء الأُخريات
مِمّن
تطالهنّ يدُ"طالبان" بالقبض عليهنّ
التاريخُ
يعيدُ نفسَه..لماذا؟
هل تذكر ذلك
الزمن الذى ظهرت فيه سُلطة طالبان
هل اعادوا
الحياةَ لأمهاتِنا...
ام اطلقوا
النار على إخوتِنا
وأذلّوا
آباءنا..واغتصبوا نساءنا ؟
__كانت مجرّد
كلمات تستنهض بها جموع الشعب،
وتفضح
السُّلطة الغاشمة.
★الكلمةُ ليست
هيّنة...الكلمة سيفٌ بتّار.