الدكتور زكريا الملكاوي
جائحه كورونا ولقاحاتها بين العلم والسياسه
ليست الجائحة الأولى التي تمر بها البشرية في التاريخ المدون، لكنها تميزت
بالكثير الذي لم تتميز به سابقاتها، بالتأكيد لم يكن هذا صدفة بل كان له أسبابه
الكثيرة، ففي التاريخ كان الناس يهرعون للعلاج عندما كانت تحل الجائحة، بينما كان
الشك في كوفيد-19 وعلاجها سيد الموقف ، ترى لماذا؟
كان للتسييس ودخول الإقتصاد على خط العلم والعلاج السبب الكبير، ففي حين
يصدق الناس الأطباء والعلماء فإنهم لا يصدقون الساسة والشركات التي تدعي مساعدتهم.
بدأ التسييس عندما غابت الشفافية من قبل الجهات الحكومية الصينية عن المرض
الجديد واستعر التسييس عندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان رئيسها
ترامب بتسمية الفيروس بالصيني في تلميح لإمكانية تصنيع الفيروس، ولم تعتقد حينها
إدارات مواقع التواصل انه ينبغي حجب هكذا تغريدات أو الخدمة عن ترامب في
إشارة"ربما" إلى قبول الفكرة!!! تعودنا على هذه الازدواجية.
واستمر التسييس وعلى كافة المستويات وفي معظم دول العالم سواء كان ذلك في
التصريحات أو الرد عليها ثم ما لبثت أن نشبت حرب أكثر ضراوة دخل فيها بالإضافة
للسياسة، الاقتصاد بكل ما أوتي من قوة.
فحين كان العلماء يعملون على صناعة مصل مضاد للفيروس حسب الطرق العلمية
المعروفة لإنتاج اللقاحات، كانت السياسة والاقتصاد تجيش الإعلام للكسب الأسهل
والإسراع.
وبدل أن تكون تسمية اللقاحات حسب طريقة صناعتها بدأت التسميات تأخذ منحى
سياسي اقتصادي "أمريكي فايزر" مثالاَ
بدأ الساسة "الأغبياء" بالحديث عن اللقاح بدلا عن العلماء.
واصبح تأثير السياسة جليا لدى الناظر لجغرافيا اللقاحات، فاللقاح الأمريكي
الإنجليزي يحتل الجزء الغربي من العالم بينما احتل الصيني والروسي الجزء الآخر من
العالم.
من أحقر ما رأيت انه ولخدمة السياسة والاقتصاد أصبح الإنسان أرخص البضائع
في هذا البازار حيث يطلب منك تلقى لقاح بكفاءة ٦٠ بالمئة وتترك لقاحا نسبة فعاليته
٩٠ بالمئة فقط التزاما بالسياسة والساسة والتجار فيما كان بالإمكان إنتاج اللقاح
الافضل من حيث الكفاءة بتعاون كل الدول وتسخير إمكاناتها التصنيعية والعلمية.
بغض النظر عن المنتج.
ثم بعدها بدأت حرب مضاعفات اللقاحات، وبدل أن يتولى الامر العلماء شمرت
ميركل وشمر جونسون عن ذراعيهما لتلقي اللقاح المتهم، في تصرف أقرب لشرب عجوز جاهلة
حليب بقرتها الوسخ من أجل تسويقه.
اختلطت الروايات والاقاويل والقصص حول كل لقاح.
إذا عدنا للخلف قليلا وقبل تلويث العلم بالسياسة فإننا نعرف جميعا كعوام
لقاحات كثيرة، ناخذ أبنائنا لتطعيمهم ضد الشلل والحصبة والجدري والسل وغيرها دون
معرفة المنتج والدولة المنتجة لهذا اللقاح أو ذاك
وكاطباء أو علماء أحياء فإننا ندرس آلية عمل اللقاح وهي واحدة من أربع بغض
النظر عن الشركة الصانعة أو الدولة.
ثم يتساءل البعض،: لماذا يخاف الناس في كل أنحاء العالم من هذا اللقاح؟
ما سبق ذكره يكفي لاخافة الناس من اللقاح، ودخول الشك إلى قلوبهم، القصة لا
تكمن في الجهل وحدة ولكن تم تعزيز هذا الخوف عندمآ أطلق العنان للصحافة بدلا عن
العلماء وللشركات بدلا عن الجامعات ومراكز
الدراسات.
وبعد هذا كله يصبح مفهوما سبب تخوف الناس من المرض واللقاح على حد سواء
وتجعل البعض يستهزئ بالمرض ويرفض اللقاح، هذا الإنسان نفسه الذي يأخذ أبناءه
للتطعيم ضد الحصبة والكزاز والسل وغيرها مما يعني أن المشكلة تكمن في السياسة التي
كان صوتها في هذه الجائحة فوق صوت العلم والعلماء.
نعم لقد دخل العلم مضمار السياسة أو ربما العكس وهذا ليس مهما فالنتيجه
واحدة؛ الخوف..
سيأتي ذلك اليوم الذي سنسأل فيه :واين صنع هذا العلاج؟
سوف تكون مرعوبا إذا مرض طفلك ولا تدري من تصدق حول مضاعفات هذا العلاج أو
ذاك.
إذا خطرت الإنفلونزا الإسبانية أو الحمى المالطية ببالك كامراض كان
للحغرافيا في اسمها نصيب فإن سبب التسمية في هذه الحالات مختلف، إذ كان المقصود
مكان الانتشار أو الاكتشاف وليس التلميح إلى إمكانية التصنيع كما في كوفيد-19.
وهنالك أسباب أخرى.
متشائم؟ ربما،، ولكن كل الإشارات تسير في هذا الاتجاه
حفظكم الله وحفظ البشرية من كل وباء.