جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
حامد حبيبملتقى النقد الأدبي العالمينقد

قصة:"ورشةُ العذاب"*نحو وطنٍ أفضل..للكاتب والروائي : عبد الله قاسم دامي قراءة نقدية: حامد حبيب

 

________ قصة:"ورشةُ العذاب"______
                  *نحو وطنٍ أفضل..

للكاتب والروائي : عبد الله قاسم دامي_الصومال

قراءة نقدية: حامد حبيب_مصر


¶ مؤتمر"ملتقى النقد الأدبي العالمي"¶

--------------------------------------------

_اليوم الأول (السبت ٢١يناير٢٠٢٣م)

________ قصة:"ورشةُ العذاب"______

                  *نحو وطنٍ أفضل..

للكاتب والروائي : عبد الله قاسم دامي_الصومال

قراءة نقدية: حامد حبيب_مصر

 

   كتبتُ من قبل كثيراً عن القصة القصيرة والرواية في إفريقيا، لكنى لأول مرّة ألتقي  بالقصة الصومالية من خلال قصة"ورشة العذاب" التي نُشِرَت للأديب الصومالي: (عبدالله قاسم دامي )في مجموعتنا"رابطة المثقفين الأفارقة"..فتوقّفتُ عندها

وقررتُ الكتابة َ عنها.

فالقصّةُ في مُجملِها عبّرت عن غضبةِ الكاتب ،الكاشف لأهم قضايا مجتمعه والمترجم لأسرارها والمعاناة فيها بوضوح.

وهذا يكشفُ عن أنّه إن لم يكن من بين الشعوبِ

أُدباء أولو بصيرةٍ يكشفون السِّترَ عن مواجعهم وآمالِهم ،ويستخلصون مطالبهم في الحياة،بما لديهم

من مقوّمات التأثير التي منحهم اللهُ إياها،ماقامت لتلك الشعوب قائمة ولتقهقرت جيادُ التغيير عائدة

من حيث أتت،ولظلت تلك الشعوب راضخةً تحت نيرِ الظلمِ أبدا..فالأدباءُ قواربُ نجاة، جعلهم الله

عوناً للشعوب بما يقومون به من رسالةٍ سامية.

والقصة تبدأ بين خيارين كلاهما الصعب،وتنتهي بالرغبةِ في الفرارِ من الوطن،حيث استهلّها بقولِه:

"بعد وفاةِ جده الضرير،لم يكن أمام(فارح) سوي خيارَين:التشرُّد أو العمل في ورشة العذاب..التشرُّد

في هذه المدينة اللعينة ليس أمراً سهلاً..هنا تقوم الميليشيات بتجنيد الأطفال قهراً،لذا لم يكن أمام فارح سوي العمل في الورشة…".

واذا كان العمل يضاد البطالة،فإنّ البطالة عين البؤس والتشرُّد والضياع ..والتشرُّد يفتح أبواب العوائل علي مصاريعها ، لكنه ا ختار العمل باعتباره الطريق الصواب للنجاة من التشرد..

اختيار مَن له هدف في الحياة،فاحتكم إلي عقله، بغضّ النظر عن مشاقّ العمل ، فمهما كانت مشاق العمل فإنها أضمن الطرق نحو حياة ٍ أفضل..هنا يبرز الكاتب في مسألة الاختيار: أهمية العمل…أما البطالة،فمن نتائجها التشرد والضياع،وفيها تحذيرٌ بالغ ،حين ذكر مانقوم به ميليشيات الشوارع من تجنيدٍ للأطفال،حيث يتيهون وسط ضبابيات الجريمة ،وبالتالي يؤثرون بالسلب علي المجتمع برُمّته حين يصبحون خطراً جاثماً علي صدره.

إن أدني مطالب الميسورين هي أقصي أحلام المقهورين ، فإذا كان شراءُ نعلٍ هو شئٌ تافه لدى مَن يملك، فإنّ أقصي أحلام مَن لايملك هو شراء نعلٍ أردأ من نعل صاحبِنا ،غايته حماية القدم من الاحتكاك بالأرض…" يغدو (فارح) ويروح بلا حذاء..".." مااصعبَ أن يمشي المرءُ حافياً !".

فكان العملُ وسيلته لتخطّى أولي أحلامه بشراء حذاء…وأن يكون حُلمه الثاني هو الفرارُ من الوطن "عساه أن يبلغ مقصده،كما وصّاه جدُّه،الفرار بعيداً عن الوطن،نحو وطنٍ أفضل".

فما أتعس أن يكون حلم الإنسان فراره من وطنه..

كما أن عنوان القصة يحمل دلالةً قاسية، فيها تشبيه

لحياته في وطنه كأنها ورشة عذاب ،لاحياة،ولااطمئنان،ولااستقرار ولاكرامة.

إنها قمة المأساة الإنسانية،عندما يجد الإنسان نفسه

في وطنه لايُقارَن بالكلاب ،في وطن يعيش فيه بلا أدني كرامة.."يعملُ في الورشة ستةُ أطفال وامرأة وكلبٌ أسود…بيئةُ العمل متدنّية …وجبة الورشة كوباّ من الشاي وخبزاً عند الصباح والمساء،ماعدا

الكلب كان يتناول لحماً كلّ يوم.."..هكذا تُهدَر كرامةُ الإنسان في وطنه لدرجة أن لايداني الكلاب فيما يتمتعون به من مزايا..

كان لابد ل(فارح) أن يبحث عن إنسانيته..عن كرامته..عن أحلامه في وطنٍ آخر فارّاً من وطنه

الذي سلبه أدني حقوق الحياة ..

إنها في الحقيقة دعوة لفضح الاوطان التي لاتبالي

بمواطنيها ، ولاتحرّك ساكناً في الحفاظ علي كرامتهم،وتكون النتيجة فقد الانتماء للوطن، وفقد الانتماء كارثةٌ من أكبر الكوارث التي تهدد الاوطان في ذات الوقت..

إنها تعريةٌ  لحقيقة تلك الأوطان،يدقّ فيها الكاتب ناقوس الخطر ، في إشارته لقضية الاغتراب،

وحين يكون حلم المواطن فراره من وطنه.."عساه

أن يبلغ مقصده،كما وصاه جده..الفرار بعيداً عن الوطن،نحو وطن أفضل" في إشارة لكونها قضية بل حلمٌ تجذّرَ من القِدَم، منذ عهد الأجداد، وبما يعني أنهلاحراك ولاتغيير علي الإطلاق منذ زمن

 بعيد…

فكل شئ في الوطن راكدٌ ركود الماء في المستنقعات ، لايُرجي جريانه،ولاتجدُّده ،ولاعذوبة مائِه.

هكذا استطاع الكاتب أن يعرض قضيتَه في وضوح تام ..فاهم مايعنينا في كتابة العمل الأدبي هو ذلك الأثر الذي خلفه ذلك العمل في القارئ، واعتقد أن الكاتب ترك لنا ذلك الأثر الذي بلاريبٍ سينفعل به

القارئ ، ولعلّه ومايكتبه أدباء وطنه يصبحون معاول هدمٍ لأوضاع البؤس والتخلّف في بلادهم وأدوات بناءٍ وتغيير للأفضل في المستقبل…..

هم الأدباءُ قادةُ التغيير

…………….

dir="RTL" style="line-height: 300%;">تحياتي للكاتب والروائي : عبد الله قاسم دامي

وتمنياتنا له بدوام العطاء الإبداعى والتوفيق.

—----------------

*القصة : "ورشة العذاب"

بقلم :عبدالله قاسم دامي - الصومال

…………………………

بعد وفاة جَدِّه الضرير، لم يكن أمام فارح سوى خيارين، التشرّد أو العمل في ورشة العربات. التشرّد في هذه المدينة اللعينة ليس أمرا سهلا، هنا تقوم المليشيات بتجنيد الأطفال قهرا لذا لم يكن أمام فارح سوى العمل في الورشة التي كان يديرُها رجلٌ خمسيني مستدير الوجه، يبدو رأسه تماما كَكُرّة السلّة، طويل الأنف والقامة، بلا شارب ولا دقن، كريها جدّا، حاقدا إلى حدٍّ لا يُصدّق، يقال أنه قتل صهره بعد أن تشاجرا في أمر بسيط، كومة موز.

يعمل في الورشة ستة أطفال وإمرأة وكلب أسود يحرس المكنات، بيئة العمل متدنّية جدا، يا إلهي كم هي نَتنة، تبدو وكأنها مكبٌّ للنفايات. بدأ فارح عمله بعد وساطة جاره العجوز الذي كان صديقا لجدِّه. بدأ يتقاضى خمسة ألاف شلن مقابل إثنا عشر ساعة من العمل المتعب، تقوم الورشة بتفكيك العربات المنهوبة وبيعها كقطع غيار. كانت وجبة الورشة كوبا من الشاي وخبزا عند الصباح والمساء، ماعدا الكلب الذي كان يتناول لحماً كُل يوم.

يغدو فارح ويروح بلا حذاء، كراقصة أوروبية، كجثة في قبرها، إذ لا حاجة للحذاء في القبر والرقص وورشة العذاب. ما أصعب أن يمشي الإنسان حافيا، فقط من أجل البقاء، البقاء في حيٍّ قذرٍ داخل مدينة كالجحيم.

يتناول فارح الشاي والخبز مع صديقه أدم، طفل جميل في الثانية عشر من عمره، أسمر اللون، مفلفل الشعر، نحيفا كسائر زملائه، يتيما مثلهم. يشتمان يومياً صاحب الورشة، ذو الرائحة الكريهة، ويلعنان المدينة والشاي "أه كم أكره هذا الشاي المُرّ، لم يضيفوا فيه حتى ملعقة واحدة من السُكر".

"أنت تتحدث عن السُكر. إنه البول ياصديقي، شاهدتُ البارحة عندما بال ذالك الكلب اللعين في قِدر الشاي"

"يا إلهي، يبدوا مالحا في بعض الشيء، لعلّها البول كما قُلتَ، اللعنة على هؤلاء الأبالسة".

بعد أسبوع من العمل الشّاق، تحقق حلم فارح أخيرا فاشترى نعالا، أه كم كان غاليا، خمسة عشر ألف شلن، لقد تعب كثيرا كي يشتري نعالا، فما بال مستقبله. كيف سيُحقِقُ حلمه المستحيل، الهجرة بعيدا عن هذا الوطن البائس الذي تفوح منه رائحة الدّم. قد يحتاج الأمر سنينا او عقدا كاملا لكي يجني مالا كافيا للهجرة. وحدها السرقة قد تنجوه من طول العذاب، لكن من يسرِق ؟ السرقة ذاتها محتكرة لزعيم قطاع الطرق. عليه فقط أن يتعب ويعمل، لستُ متأكدا بأن الأطفال العاملون سيصبحون غداً رجالا أقوياء، الشيء الوحيد الذي بمقدوري أن أؤكده لكم يا سادتي هو أنهم ضحايا اليوم، والضحية ستبقى ضحيةً للأبد ما لم تتحرر. كل أحد في هذه الورشة، حتى الكلب، كان بحاجة إلى تحرير، فاللحم الذي أخبرتكم عنه والذي كان يتناوله الكلب كلّ يوم، كان لحم الغُراب، لقد تعَوَّد عليه هذا الكلب المسكين.

في كل صباح يذهب صاحب الورشة حاملا بندقية الكلاشنكوف إلى السلخانة التي لو وُزعت جائزة النتانة لفازت بها. يطلق رصاصة أو اثنتين ليصطاد غُرابا، ثم يحمله إلى الورشة، ليُطعم كلبه. لا أحد يكترث لحقوق الغُراب في وطن أصبح فيه الإنسان بلا حقوق. يا للغرابة، كيف لرجلٍ أن يطلق رصاصة كي يقتل غُرابا مسكينا من أجل أن يُطعم كلبا لا يطيق بلحم الغُراب، وبعد هذا كله يُجَوِّعُ إنسانا بريئا. يبدو أن كل شيء أصبح مؤلوفا في هذه المدينة.

بعد ستة أشهر من العمل الشاق، تحولت يدا فارح إلى كعبي حذاء، أصبح جلده قويا كالضّب تماما. إنها الحياة تجعل الغزالة عبر المحن ذئبا. ازداد مرتبه قليلا، ستة ألاف شلن، بدا يُدخر نقوده في كيس صغير بعيدا عن أعين الناس، كيسا خيّطَه بعناية، عساه أن يبلغ مقصده، كما وصاه جدّه، الفرار بعيدا عن الوطن، نحو وطنٍ أفضل.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *