جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
فولكلورمحمد عبدالقادر التونينقد

ملامح البيئة الصعيدية في الشعر الشعبي ( مربعات من فن الواو )

 

ملامح البيئة الصعيدية في الشعر الشعبي

( مربعات من فن الواو ) .



----------------------------

قراءة في ديوان : ( عزف على أوتار الوجع ـ مربعات من فن الواو )

-------------------

للشاعر / فوزي عبدالسميع الحجازي

 ( مصرـ قنا ـ قوص)

بقلم / محمد عبدالقادر التوني (مصر ـ قنا ـ قوص)

--------------------------------------------

ـ وكما جاء في مقدمة الديوان كتعريف بهذا الفن : أن " الواو " فن شعبي من الفنون المنتشرة في صعيد مصر ، وهو فن قولي ( شفاهي ) أي غير مدون ، ولكن تحفظه صدور رواته ومحبيه ، ويسمى فن الواو وذلك لكثرة الواوات أو حرف الواو فيه ، ومنه المرع المفتوح ، وهو مفهوم للسامع دون جهد أو عناء ، ومنه المربع المقفول بجناسه التام ، ووكثيراً ما يدهش سامعيه ،

والمربع أربع شطرات من بحر " المجتث " وهو بحر شعري له نسق موسيقي ، طرب له الشعراء المحدثون فأكثروا من نظمه .

وتفعيلاته ( مستفعلن فاعلاتن ) .

ـ وبدأ هذا الفن على يد / أحمد بن عروس ، المولود في محافظة قنا ـ مركز قوص .

ـــــــــــــــــ

ـ وإضافة إلى ما سبق : فإن هذا الفن يحتاج إلى قارئ ضمني يكون على وعي بلهجة المكان وعاداته وتقاليه ، ومن الضروري أن يكون محباً لهذا الفن حتى يستطيع فهمه والوصول إلى المعنى المطلوب ؛ إضافة إلى تفسير بعض الكلمات التي تحتاج إلى توضيح وبخاصة في الربعات المغلقة .

ـ وسوف نتناول في السطور القادمة بعضاً من المربعات التي وردت في الديوان ؛ ومحاولة توضيحها وكشفها للقارئ .

ـ وكعادة شعراء هذا الفن في الصلاة على الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم عند بدء الإلقاء ؛ فإننا ببدأء من حيث يبدأون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولها بنصلي ع الزين ( 1 )

بنبينا أعطر صلاتي ( 2 )

العز في جنابه عزين ( 3 )

وتق (4 ) بربي صلاتي ( 5 )

ــــــــــــ

( 1 ) الزين = سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

(2 ) صلاتي = الصلاة

( 3 ) عزين = مضاعفة العز

( 4 ) وتق = الرباط القوي

( 5 ) صلاتي = الصلة بالله سبحانه وتعالى .

ـــ فالشاعر يقول في هذا المريع : إن صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ هي بمثابة العطر الذي يعطر صلاته للمولى عز وجل ، وأن العز في جوار رسول الله يتضاعف ويزيد ؛ ويقوى به الرباط الذي يربطني بالمولى عز وجل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ثم يتطرق الشاعر بعد ذلك إلى حيث يكمن الوجع والألم من تغير العادات والتقاليد الجميلة التي كانت سائدة في الصعيد ؛ عندما كانوا يفرحون لفرحه ، ويحزنون لحزنه ، ومد يد العون له عندما يقوم بأي عمل في بيته ؛ كالبناء مثلاً : حيث كان الأهل والجيران هم من يقومون بذلك طواعية . وعن تغير هذا الحال يقول :

ليه يا زماني قالبنا ( 1 )

يوم نضحكوا طرمونا ( 2 )

ولا حد لافى قالبنا ( 3 )

ولا حد جا طرى مونا ( 4 )

ــــــــــــ

( 1 ) قالبنا = تغير الحال

( 2 ) طرمونا = التكشيرة مع مد الشفتين .

( 3 ) قالبنا = قالب الطوب

( 4 ) طرى مونا = خليط الأسمنت مع الرمل بغرض البناء .

ـ فالشاعر يتألم من تغير الحال ، ويحزن على هؤلاء الذين لا يحبون الخير لغيرهم من الأقارب والجيران ، فما من أحد فكر في المجيء ليبارك له البناء ، ويمد له يد العون تعبيراً عن المحبة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما عن الرجولة التي ينشأ عليها الشباب في الصعيد ، ومدى فخره واعتزازه بذلك يقول :

احنا ف رجالنا مايع فيش ( 1 )

تسعة وابونا عاشرنا ( 2 )

أصغر ما فينا ما يعفيش ( 3 )

واللي يميع ما يعاشرنا ( 4 )

ــــــــــــــ

( 1 ) مايع فيش = الخشونة ، والبعد عن الليونة والميوعة .

( 2 ) عاشرنا = رقم عشرة

( 3 ) ما يعفيش = لا يعفيه صغر سنه من أن يكون رجلاً .

( 4 ) ما يعاشرنا = لا يسكن معنا .

ـ وهو بهذا المربع يحدد شخصية الرجل الصعيدي ، سواء كان كبيراً أو صغيراً بأن يكون قوياً ، خشناً ، بعيداً كل البعد عن ما يهز كرامته وشخصيته .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ كما يفتش شاعرنا عن الوعي ، فيطالب الإنسان أن يكون واعياً ، مدركاً لما يدور من حوله ، عرفاً بم هم معه ، ومن هم ضده أو عليه  ؛ فيقول :

فتش يا ود هات دساسك ( 1 )

يا ما عشموا ( 2 ) فيك قوالينك ( 3 )

فيه اللي جه هد ساسك ( 4 )

فيه اللي جه قوى لينك ( 5 )

ـــــــــــ

( 1 ) دساسك = المخفي أو المستخبي .

( 2 ) عشموا = طمعوا فيك = الطمع

( 3 ) هد ساسك = هدم بنيانك

( 4 ) قوى لينك = شد من عزيمتك

ـ وهو بذلك يخلق حالة من الوعي عند الإنسان ؛ يستطيع من خلالها أن يفكر فيما يدور من حوله ، ويستطيع من خلالها أن يفرق بين الكلام المعسول الذي لا فائدة منه ، وبين كلام الجد الذي يؤسس ويبني .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ ثم يتطرق الشاعر إلى هؤلاء الذين يمتلكون المال والأطيان الزراعية الكثيرة ، وبالرغم من كل هذا الغنى إلا أن نفوسهم مريضة ؛ إذ يسعون دائماً إلى ايذاء الناس بالقول والفعل ، ويتعجب الشاعر من مثل هذه الشخصيات ؛ عندما يراهم مرضى لا يقدرون على شيء ، وفي نفس الوقت لا ينفعهم مالهم ولا أرضهم في ظل علاقاتهم السيئة مع الناس ، فيقول :

فدادين زراعة ومال كوم ( 1 )

وأذاه في خشمه ( 2 ) يا فيده ( 3 )

والجسم ناسس  وملكوم ( 4 )

طاب خلي ماله يفيده ( 5 )

ــــــــــــــــــ

( 1 ) مال كوم = مال كثير .

( 2 ) خشمه = فمه .

( 3 ) فيده = يده .

( 4 ) ناسس وملكوم = كناية عن المرض الشديد ، وكأنه مصاب بالسل .

( 5 ) يفيده = ينفعه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ ثم يحذرنا الشاعر من التعامل مع الإنسان النذل ، ويرشدنا بضرورة الابتعاد عنه ، لأنه لا يأتي بخير ، فيقول :

إن شفت مره الردي سوح ( 1 )

بيت الرداوه ما صالح ( 2 )

الندل كيف قرش ممسوح ( 3 )

عمره ما يقضي مصالح ( 4 )

ــــــــــــــــ

( 1 ) شفت = رأيت ، الردي = الإنسان الرديء قليل الأصل  ، سوح = تجاهله .

( 2 ) ما صالح = ليس فيه صلاح .

( 3 ) قرش ممسوح = القرش هو عملة مصرية ، وممسوح = أي طمست معالمه .

( 4 ) ما يقضي مصالح = أي لا ينفع ولا يفيد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ وعن ضعف الشخصية وقوتها ، والإنسن الذي يمتلك صوته ؛ والانسان الذي لا يلك صوته ولا يستطيع اتخاذ أي قرار من تلقاء نفسه ، وعلاقة ذلك ببعض الحركات التي تكشف هذه الصفات في الشخصية ، يقول :

الهرش ف الراس مش عيب ( 1 )

ده دليل ع العقل تايه ( 2 )                                                                   والهرش في العنق لو ديب ( 3 )

لازم يشاور النتاية ( 4 )

ــــــــــــــــــــ

( 1 )  الهرش = جركة الأصابع في الرأس , مش عيب = ليس عيباً .

( 2 ) تايه = شارد الذهن .

( 3 ) ديب = الذئب .

( 4 ) يشاور = يستشير ، النتاية = المقصود بها الأنثى سواء كانت الزوجة أو الأم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ وعن التحلي بالصبر ، وعدم السرعة في خلق المشكلات ؛ وبخاصة بين الجار  ، يقول الشاعر :

قال ايه جاره غلط فيه

بحر الصايب جه رايم ( 1 )

لو كان بداخلك غل اطفيه ( 2 )

وبلاش تجيبها جرايم .

ــــــــــــــ

( 1 ) جه رايم = يشبه البحر في هياجه .

( 2 ) غل اطفيه = الرجوع وإطفاء الغل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتكملة لحق الجوار ، وحق الجارة على جارها ، وكيف أنه لابد وأن يحترمها ، ولا يعيبها في شيء ، لأن ذلك يعيبه ؛ ويعتبر من الفجور ؛  فيقول :

باين عليكم فجرتوا ( 1 )

مين اللي جارته تعبها ( 2 )

فيش حد يعمل في جارته ( 3 ) 

حاجة تعيبه وتعيبها . ( 4 )

ــــــــــــــــــ

( 1 ) فجرتوا = الفجور

( 2 ) تعبها = تسبب لها في الأذى .

( 3 ) فيش حد = لا يوجد أحد .

( 4 ) تعيبه وتعيبها = أي أن ما يؤذي به جارته ؛ يعود عليه بالخزي والعار .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ ونختم بالغزل : عندما يفتن الشاعر بالجمال ؛ ويتغزل ، ويتمنى أن تكون حلاله وزوجة له ، لكن يكتف أنها أخته في الرضاعة ، فيقول :

من غير مكياج حليتي ( 1 )

حموت شهيد البضاعة ( 2 )

بس الأسف ما حليتي ( 3 )

كنا سوا في الرضاعة ( 4 )

ــــــــــــــــــ

( 1 ) حليتي = جمال طبيعي باهر بدون أدوات زينة .

( 2 ) حموت شهيد البضاعة = كناية عن عشقه الشديد لها .

( 3 ) بس الاسف ما حليتي = يتحسر الشاعر عندما يكتشف أنها لا تحل له .

( 4 ) كنا سوا في الرضاعة = أخته في الرضاعة .

.....

وأخيراً : أتمنى أن أكون قد وفقت في إظهار ولو جزء يسير من ملامح هذا الفن الجميل ؛ فما ذكرناه لا يمثل نقطة في بحر هذا الفن ، كما أتمنى أن يكون ما طرحنا ؛ أظهر ولو جزءاً يسيراً من ملامح البيئة الصعيدية الزاحرة بفنونها وعاداتها وتقاليدها التي لا تعد ولا تحصى .


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *