لمحات في تاريخ الأردن
هاني علي الهندي.
بدأت مرحلة تأسيس إمارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن
الحسين إليها بناءً على دعوة وجهاء مناطق شرقي الأردن وأعضاء حزب الاستقلال الذين
وصلوا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920،
وبعد وصول الأمير عبد الله إلى مدينة معان في 21/11/1920 التقى
بأهالي شرق الأردن وحكوماتها المحلية، وأخبرهم أنه جاء لإحياء الثورة التي أخمدت
في حوران، وأن قدومه للمشاركة في الدفاع عن أوطانهم، وأكد تصميمه على الزحف إلى
دمشق لإخراج الفرنسيين منها وإعادة فيصل إلى عرشها، ودعا جميع العرب الصادقين إلى
الالتفاف حوله لمساعدته في تحرير سوريا فلتف حوله الوطنيون، ثم وجه نداء للسوريين
يطلب منهم أن يعلنوا الثورة على الفرنسيين ويهرعوا إلى حمل السلاح لتحرير وطنهم
والانضمام إلى قواته بصفته نائبا لملك سوريا، بينما اعتبرت فرنسا تصريحه يهدد
وجودها في سوريا، فخاطبت الحكومة البريطانية من أجل الضغط على الأمير للتخلي عن
فكرة المملكة السورية، وفعلاً قامت بريطانيا بالتوسط لدى الشريف حسين لمنع الأمير
عبد الله من القيام بأي شيء، مقابل أن تحقق بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكماً
لأنفسهم تحت حكم الأمير عبد الله. فشكل الامير عبدالله حكومة مركزية توحد الحكومات
المحلية.
شهدت الحكومة المركزية قيام عدة ثورات ترفض الانتداب، فقد رفضت
الحكومة المحلية عام 1921 في الكورة الخضوع لحكومة اربد المركزية، التعاون مع
الانتداب بقيادة الشيخ كليب الشريدة، إلا أن سلاح الجو البريطاني استطاع القضاء
على هذا التمرد عام 1923.
خلال عامي (1923- 1924م)، إلى جانب تمرّد قرى وادي موسى، وذلك عام
1926م، وانتهت كل هذه الثورات باستخدام قوة الحكومة المدعومة بقوات بريطانية، وكان
الامير عبدالله كثيرا ما يلجأ إلى اصدار
العفو عن مثيري الفتن، والعاصين بعد اخضاعهم
وكانت أكبر انتفاضة ضد الانتداب البريطاني وحكومة شرق الأردن
برئاسة مظهر رسلان، حركة العدوان بزعامة الشيخ سلطان العدوان وابنه ماجد عام
1923تحت شعار الاردن للأردنيين، احتجاجا على تولي الإدارة في شرقي الأردن لأشخاص
من سورية ولبنان والعراق وفلسطين ،لكن سرعان ما تم التغلب عليها بمساعدة من سلاح
الجو الملكي البريطاني. ونتيجة لذلك فر زعيم التمرد ماجد العدوان إلى سوريا مع
ابنيه.
وظل الأردن ومنذ تأسيس الامارة ملجأ أحرار الشام وثوارها، فاستقبل
قادة حزب الاستقلال في عمان وتحولت شرقي
الأردن بعد فترة وجيزة إلى قاعدة للحركات الثورية في سوريا، فقد حاول الثوار
اغتيال الجنرال العسكري الفرنسي غورو في القنيطرة، ثم هربوا إلى شرقي الأردن، طلبت
الحكومة الفرنسية من الحكومة البريطانية تسليمهم إلا أن الحكومة الأردنية رفضت
الطلب.
كما التجأ إليها إبراهيم هنانو بعد أن أخذت فرنسا بتطويق الأماكن
التي يرابط فيها هنانو مع الثوار على أمل استئناف الثورة من هناك.
ولما استعصى على الفرنسيين أمر إقناع شيوخ حوران مقاتلة الدروز إلى
جانب الجيش الفرنسي، أنذر الجنرال أندريا اسماعيل باشا أن يقوم الحوارنة خلال مدة ثلاثة أيام بالسير
أمام القوات الفرنسية لمحاربة ثوار جبل العرب، وفي حالة الرفض سيكون مصيره
الإعدام.
طلب محمد الحريري مهلة ثلاثة أيام لإقناع والده بالطلب الفرنسي،
وفي هذه الفترة كان الشيخ إسماعيل باشا الحريري وأسرته و قوة مؤلفة من خمسين
فارساً قد اجتازوا حدود حوران إلى الأردن.
وهكذا نزح سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية عام 1925 وجماعته
من الثوار إلى الأزرق في إمارة شرقي الأردن، أخذ سلطان ورفاقه بالإغارة على
المراكز الفرنسية في كل من جبل العرب ودرعا لذلك تعرضوا لمضايقات الانجليز فنزحوا
إلى وادي السرحان والنبك في شمال المملكة العربية السعودية، ثم إلى الكرك في
الأردن. وكانت المعاهدة الأردنية البريطانية في 20 شباط 1928م، تشكل نقطة تحول هامة في تاريخ الحياة
السياسية في شرق الأردن، حيث انطلقت موجة عارمة من لاحتجاجات والمظاهرات في القرى
والمدن الأردنية تعبيرا عن رفضهم لهذه المعاهدة، ما أدى إلى عقد المؤتمر الوطني
الأول برئاسة الشيخ حسين الطراونة، في عمان في 25 تموز 1928 رفض فيه المؤتمرون المعاهدة، وطالبوا "بأن
تكون الإمارة دولة عربية مستقلة، وأن تدار بحكومة مستقلة"
بناءً على موقف الإمارة
في الحرب العالمية الثانية والتحركات النضالية التي قام بها الشعب الأردني في عدة
مناطق، للمطالبة بالاستقلال، ومع اشتداد الحركة الشعبية المناهضة للانتداب
الانكليزي في جميع أنحاء البلدان العربية، خاصة في مصر وسوريا ولبنان، فقد تمت
دعوة الأمير عبد الله إلى لندن والدخول في مفاوضات انتهت بعقد معاهدة تحالف جديدة
بتاريخ 22 آذار 1946 تلغي معاهدة 1928 واعتراف بريطانيا بالإمارة دولة مستقلة
استقلالا كاملا، والأمير عبد الله ملكاً عليها.
وافقت الأمم المتحدة في يوم 25 أيار 1946 على نهاية الانتداب
البريطاني الاعتراف بالأردن مملكةً مستقلة ذات سيادة. كما أعلن البرلمان الأردني
الملك عبد الله الأول ملكًا عليها.