التوازن بين التُراث والتجديد
حامد حبيب
*بقدر ارتباطنا بالتُراث،بقدر احتياجنا للتجديد...
فلا يجب أن تكون هناك قطيعة مع التراث..فى ذات الوقت لاينبغى
التقوقع فيه.إذن نحن فى حاجة لمعادلة،تجمع بين عدم التخلّى عن التراث ،والإبقاء
عليه كمرجعية،والنزعة للإستحداث والاستفادة من كل جديد.
*ومعالم هذا التجديد :أن يكون هناك تعامُل جديد مع التراث
بالتعمُّق فيه والاستنجاد بإيجابياته،
وتحريره وتأصيله والتنقيب فى أعماقه،لأن الثقافة
الجامدة لايمكن أن تتعامل مع الثقافات الأخرى إلّا بخنوع
وتبعية،ونحن نرفض بالتأكيد تلك التبعية،
ونرفض هذا الجمود فى ذلك العصر المتحرك بتلك السرعة .
*والتعامل الجديد مع التراث بهدف استكشاف فضاءات الإلتقاء ومجالات
التَّماس والتقاطع،
وتوسيع قنوات التواصل والاندفاع بقوة إلى المعاصرة فكراً وعلماً
بندِّيةٍ وكفاءة..إنه من صميم الدين((وأَعِدُّوا لهُم مااستطعتُم مِن قوَّة...
))..أن نتوجّه لإحياءِ ثقافتنا عبر مُنطلقاتٍ جديدة بٱلياتِ
العصر ووسائله،بحيث يكون التراث إطار المرجعية.
لقد سبق جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده
إلى تلك الدعوة بالتجديد الذى تنهض به الأمة،
والذى لايختلف مع شريعتنا ولاثقافتنا.
*فالتجديد هو:توسيع وعاء الثوابت لتستوعب الحديث،وأى خطوة جادّة
لأمّتنا نحو فكر التجديد
وممارسته ،ستنعكس إيجابيّاً على الإنسانية جميعها
والعالم كلِّه،حيثُ سنُوفّر مُعبراً إلى رحابِ التنوّع الثقافى،لما
لعالمِنا من صِلاتٍ تاريخيّةٍ ،ولِما لموقعنا الجغرافى بين العالم من أهميّة.
*نستطيع التجديد فى(اللُغة)..بإحيائها وتفجير مَعينِ قواعِدِها
الذى لاينضُب.
*فى(الآداب)..بإحيائها نثراً وشعراً فى أجمل صورة.
*فى(العادات والتقاليد)..باتّخاذ كل الطُّرُق التربوية
لاستمرار التماسُك الأُسَرى،وبرّ الوالدين والشهامة والكرم وإسعاف
الآخَرين،والوفاء والسماحة..فيجب
التَّحصُّن بهذه العادات وتلك التقاليد التى هى سرُّ
تماسُكِنا.
*فى(مجال الدعوة)..أن نغوص فى عالم المعرفة الدينية،وأن نتحلّى
بروح المودّة والتسامح واللين
وإتقان لُغات الآخرين مع التسلُّح بالمُنجزات العلمية
التى تؤيد صدق الدين وتدفع للإقتناع به.
*فى(الصناعة)..بإحياء الصناعات التقليدية والاهتمام بالفنون
الجميلة والاطّلاع على أحدث المُنجزات الصناعية العالمية وإضافة الجديد،بدلاً
من الإكتفاء بدور المُندهِش والمُستهلك لصناعة الآخَر على الدوام.
*مجالات كثيرة لابُد أن يكون لنا دور فيها بالتجديد
وطرح دور المُتفرّج.
*إن التحدي يجب أن يشمل كل فعاليات الأُمة،وأن يشمل كل مناحى
الحياة التى تضمن قوة هذه الأُمّة
وتُحصّن فى ذات الوقت هُويّتها.
*وعلى الجميع ..حكومات وأفراد وجمعيات،أن تجد
الوسائل الكفيلة بتنفيذه،فالصِّيَغ التنظيمية والقوانين لاقيمة
لهاإلّا بقَدر ماتؤديه من وظيفة
وتحوّل ذلك إلى فِعل حقيقى.ويتحمّل العُلماء والمفكّرون عُظم
المسئولية،فهُم الذين يقع على عاتقها عبء ترجمته من سماء النظريات والرؤى
الفكرية إلى أرضيّة التطبيق،ليُصبحَ بَرنامجاً عمليّاً
صالحاً للتنفيذ .
*كما يجب أن تكون الصحافة والجامعات والمراكز العلمية المختلفة
أكثر نشاطاً وحيويّة،ويجب التركيز
على البحوث العلمية الأكثر تكيُّفاً مع البيئة المحلية.
*كما أنَّ دراسة التاريخ والسِّيَر لن تسمح بتجلية
العبقريات فقط،ولكن بالإفادة من كيفية التعامُل
مع الظروف التاريخية.
*إنَّ التجديد الذى نريده سيكون انطلاقاً من القُوى
المعنوية والتاريخية عبرَ مُعادلات ومرتكزات جديدة
تُنشئ فكراً خلّاقاً يستوعب ويُضيف ،مُتجاوزاً
الاستجابة والتكيُّف إلى الاحتراف والإبداع،
والشراكة الحضارية والندّية.
*نريد تجديداً مُبدعاً خلّاقاً...كفانا القناعة بدور
المتفرّجين...نحن أمّة أصحاب حضارة..أمّة علّمت العالم....فهل نبدأ نهضتنا
القويّة؟ أم سننتظر قروناً
أخرى نحلم ؟.
___________________
حامد حبيب__مصر. ١_٦_٢٠٢١م