شُهرةُ الخيّام عند الأوربيّين(١)
{ نادِى باسمِه فى لندن }
حامد حبيب
* لانعرفُ الكثيرَ عن حياةِ الخيّام، ولم
نستدلّ على
آثارٍ أدبيةٍ له سوى
رباعياته ، لذا كان من غير اليسير
التعرّف جيّداً
على شخصيّته ، وبعض
الملابسات التى أحاطت بتلك الرباعيات،التى كشفت عن شخصية امتزج فيها اللهو
بالخمر ، بالإيمان بالجبرية، بالتوبة، بالصوفية ، مزيجٌ لاتستدل منه
على حقيقة شخصيته ،
وخاصة أن الرباعيات التى
وصلتنا عن طريق"
رامى"، لم تأتِ مُرتّبة زمنياً، إنما
مختلطة..ممّا صعّب
التعرُّف عليه بما ينبغى.
*ولقد قمتُ بدراسةٍ عن
(عمر الخيّام) بحثاً عن حقيقة شخصيّته الغامضة، وانتهيتُ منها بالفعل
العام
الماضى..ويصعُب نشرها كاملاً
هنا، لكننا
سنوجز منها بقدر
المستطاع. وسنتحدث أوّلاً عن
مدى الشهرة
التى بلغها "الخيّامُ "عند الأوربيين،
ومدى اهتمامهم به.
*وأتمنىّ أن تتبنّى
إحدى دور النشر والتوزيع تلك الدراسة،ةخاصّة أنّنى قمتُ بإعادة ترتيبها _بعد
التوصّل لنتائج هامة_ترتيباً حسب الموضوع، وحسب المراحل العُمرية التى مرّ بها
الخيّام.
________________
*فقد حظِىَ الخيّامُ
بكوكبةٍ من المهتمّين بشعره
والترجمة له،فقال(أحمد
رامى) :" ظلّت رباعيات
الخيّام غائبةً فى
حنايا المكتبات،حتى وُفِّق الأستاذ
(كويل)إلى العثور على
أقدم نسخة خطّيّة لها فى
مكتبة"بودليان"
ب"إكسفورد"،فنشر عنها وعن حياة
عمر الخيّام فى
مجلة"ملكنا"سنة ١٨٥٨م،ثم كتب بعد
ذلك إلى صديقه
الشاعر(فتزجرالد)،فدرسها وأخرج
أوّل ترجمة لها سنة
١٨٥٩م، ولم تكن تحوى إلاّ خمسةً
وسبعين رباعية".
*لكن إحدى المصادر
تقول:أنّ أوّل مَن عرفه من الأوربيين، العلّامة (توماس هايدن) ،أستاذةاللغتين
العربية والعبرية بجامعة أكسفورد ، فبحث شعرَه
وألّف له عام ١٧٠٠م. أى
قبل عثور (بودليان)عليها
بأكثر من قرنٍ ونصف.
*وذكر (رامى) أنّ أقدمَ
مخطوط للرباعيات، كتبه
أحد سكّان شيراز
سنة٨٦٥ه ، أى بعد موت الخيّام
بخمسين وثلاثمائة سنة،
ورأى رامى أنّه ربما زاد
عددُها عمّا نظمه
الخيام ،كلما بعُدَ به الزمن عن عهد
ناظِمه ، فزاد عددُها
حتى وصل إلى ثمانمائة فى
أحد المخطوطات ب"
كمبردج" ، رغم أنّ أقدم مخطوطٍ لها فى "اكسفورد" لايحوى غير ثمانٍ
وخمسين ومائة رباعية.
* وفى سنة ١٨٦٧م، أخرج
المسيو(نيقولا) _ترجمان
السفارة الفرنسية فى
فارس، ترجمة نثرية الرباعيات
بها أربعٌ وستون
وأربعمائة رباعية ، نقلها عن نسخة
طهران المطبوعة على
الحجر سنة ١٨٦١م.
* كما أخرج الأديب (
ونفيلد )سنة ١٨٨٣م ترجمة
انجليزية لثمانٍ
وخمسمائة رباعية، جمعها من نُسَخ
عِدّة .
*وتمكّن المستشرق
الدنمركى (كرستنس) من جمع
مائة وعشرين رباعية
للخيام ، ووضعها فى كتابه
"مباحث فى
رباعيّات الخيّام"سنة ١٩٠٤م.
*ونظراً لشُهرةِ
الخيّام ،تأسّس نادٍ باسمِه فى لندن
عام ١٨٩٢م.
*ولم يكن العرب إلى ذلك
الحين ،يعلمون شيئاً عن
رباعيات الخيام، وكان
أوّل من لفت نظرهم إليها
الشاعر (وديع
البستانى)الذى ترجم أربعين رباعية
منها،من الإنجليزية عن
(فتزجرالد)، ثم ترجمها
(الزهاوى)عن
الفارسية،وصاغها له شعراً (أحمد محمّد الصرّاف)، وعن ترجمة الزهاوى أيضاً،نظمها
من مصر(أحمد زكى أبو
شادى)شعراً..وكان من أدقّ الترجمات وأفضلها نظماّ أيضاً، ترجمة ونظم الشاعر
المصرى(أحمد رامى).
*واستمر البحث فى
الرباعيات وعنها..ففى سنة
١٩٢١م،وجد الدكتور
(روزن) فى برلين نُسخةً قديمة
للرباعيات بها تسعٌ
وعشرون وثلاثمائة رباعية،يرجع
تاريخها إلى سنة ٧٢١ه...وعند نشر
الدكتور(روزن)
لها سنة ١٩٢٢م،وصله من
(ميرزا محمد قزوينى)_
أمين المخطوطات
الفارسية بالمكتبة الأهلية بباريس
صورة من مجموعة بها
ثلاث عشرة رباعية، وُجِدَت
بين مجموعات أخرى فى
كتاب جامع ،اسمه"مؤنس
الأحرار" وتاريخه
سنة ٧٤١ه.. وبالتالى، تكون هذه المجموعة الصغيرة
،هى أقدم طائفة للرباعيات،لأنها
تسبق نسخة
(بودليان)المخطوطة سنة ٨٦٥ه،بثلاثٍ وعشرين ومائة سنة.
* وفى سنة ١٩٣٠م،
اكتُشِفَ أوّل مخطوط مُصَوَّر لرباعيات الخيّام بخط أحد سكّان مدينة
"مشهَد"
سنة ٩١١ه ، وفيه ستٌّ
ومائتان رباعية بخطٍّ جميل.
*وكان ممٌَن ترجم له
أيضاً،المستشرق النمساوى
(ه.برجستال)
الذى ترجم خمساً وعشرين رباعية
فى كتابه" تاريخ
الدولة العثمانية".
★و هل جميع ماعُثِر عليه من رباعيّات يصحّ نسبتها للخيّام؟
إن دراسات كثيرة أثبتت كمّاً هائلاّ مدسوساً عليها، حتى إنّ أصدق النُّسَخ ،وهى نسخة(بودليان)
تحوى تسع عشرة رباعية
،لايُقطَع بصحة نسبها للخيّام.
*كما وجد المستشرق
الروسى(زوكسفكى) اثنتين
وثمانين رباعية مدسوسة
على الخيّام، وردّ نسبتها
إلى تسعةً وثلاثين
شاعراً من شعراء الفُرس.
*وقد حار كلُّ الباحثين
فى تحديد هذه الرباعيات..
فعددُها يتراوح بين ستّ
وسبعين رباعية فى نسخة
خطٌيّة بباريس،يرجع
تاريخُها إلى سنة٩٢٧ه،وبين
ثمانمائة رباعية فى
مخطوط بمكتبة جامعة"كمبردج
عليه اسم مالكُه
سنة١١٩٥ه..
* ولقد ضاع الكثيرُ من
رباعيّات الخيّام،لعدم تشجيع
النُّسَّاخ لآرائه
الجريئة ، كما ضاعت مخطوطاتها،لأنَّ
"نيسابور"تعرّضت
بعد موت(عمر الخيّام) للغزو والإحراق على يد المغول والتتر ، فلم يعِد إلّا أن
تتناقلها الألسنة شفهياً،فدخلها التبديلُ والتحوير،
وتعاقبَ عليها
النُّسَّاخ ، فغيّروا وبدّلوا الكثيرَ من معالمها، ودسّوا مِن شعر غيرِه، وأثبتوا
له من القول
مابرئَ منه لسانُه.
** وإنّك لترانا أمام
صعوبةٍ شديدةٍ فى الوقوف على
الصادقِ منها،المنسوب
له، لأنها تتّفق فى الأسلوب
والصياغة والعَروض .
_________________سنواصل
إن شاء الله