المراحل التى مرَّ بها الخيَّام ( ٤ )
حامد حبيب
* مرّ الخيّام بعدّة مراحل فى حياته..
_المرحلة الأولى:
التشاؤم.
_المرحلة الثانية :
مرحلة الجبرية والسخرية من القدر.
_ المرحلة الثالثة : الاستغراقُ فى الخمر .
_المرحلة الأخيرة :
التوبة والتجلّيات الروحية.
_____________
* كانت الرباعيات لدى الخيّام مُركَّبة من
أربعة مصاريع (أبيات)..الأول والثانى والرابع مُقفَّى، والثالث مُطلَق..وكل رباعية
تستقلُّ بمعناها ، وقد احتوت رباعياته على آرائه فى الكون والمادة والزمان والحبر
والعدم.
*عدد الرباعيات التى
ترجمها( رامى) [١٦٨رباعية]
أعدنا ترتيبها طبقاً
للموضوعات والمراحل العمرية
التى مرّ بها، وأضفنا
لها شروحات تمكّن للقارئ من فهمها.
__مختارات من..(المرحلة
الأولى" مرحلة التشاؤم")
--------------------------------------------------------
أفنيتُ عُمري فى
ارتقابِ المُنى
ولم أذُق فى العَيشِ
طعمَ الهنا
وإنٓنى أشفقُ
أن ينقضى
عمرى وما
فارقتُ هذا العَنا
-------------
إذا انطوى عَيشى وحان الأجَل
و سُدَّ
فى وجهى بابُ
الأمل
قرَّ
حَبابُ العُمرِ فى
كاسِه
فصَبَّها
للموتِ ساقى الأزَل
------------
الدهرُ لايُعطى
الذى نأمل
وفى سبيلِ
اليأس مانعمل
ونحنُ فى الدنيا على
همّها
يسوقُنا حادى الردى
المُعجّل
---------------
لم
يخلُ قلبى من دواعى
الهموم
أو ترضى نفسى عن وجودى الأليم
و كم
تأّدّبتُ ..... ..........
بأحداثِه
ولم
أزل فى ليلِ
جهلٍ بهيم
------------
و كُلّما راقبتُ
حال الزّمن
رأيتُه يحرمُ
أهلَ الفِطَن
سبحان ربّى ،
كلما لاح لى
نَجمٌ ، طوتهُ
ظُلُماتُ المِحَن
------------
صُبَّت
علينا وابلاتُ البلاء
كأنّنا
أعداءُ هذا القضاء
بينما ترى الإبريقَ والكأسَ قد
تبادَلا
التقبيلَ حولَ الدماء
--------------
سئِمتُ ياربّى
حياةَ الألم
وزادَ همّى
الفقرُ لمّا ألَمّ
ربّى انتشِلنى من وجودى
فقد
جعلتَ فى الدنيا وجودى
عدم
---------------
بِى
من جفاءِ الدهرِ همٌّ طويل
ومِن شقاءِ العيشِ حزنٌ دخيل
قلبى
كَدَنِّ الخمرِ يجرى
دماً
و مُقلتىَّ بالدمعِ
كأسٌ تسيل
----------------
*معلومٌ أن الترجمةَ
تصنعُ فارقاً بسبب إيجاد معادل
الألفاظ أو بدائلها ،
وهذا يعود للمترجم، والنصوص التى بين أيدينا ترجمها (رامى) عن الفارسية، وقد
صاغها نظماً ، واستخدم
ألفاظاً دون اختلال المعنى.
* والأصل فى
الترجمة كما قال د .لطيف زيتونى
(أكاديمى من
لبنان):" ليس إيجاد المعادل المعجمى
فى اللغة المنقول إليها
، بلوغ فهم القارئ بدقة ووضوح وجمال التعبير، والمترجم الحُرّةعو من يلجأ إلى
الوسيلة التى تسمح للقارئ بفهم الكلمة الأجنبية ، ولو اضطرّ إلى ترجمتها بعبارة
بدل الكلمة
الواحدة المُبهمة".
* فالمترجم"يجد
نفسه أمام مسئولية جديدة،هى ضمان وصول المعنى لقرّائه ، ويدرك المترجم الحرّ
أن الترجمة تتعدّى
إيجاد المعادل اللفظى".
* وبالتالى ، فإنّ
ماجاءنا من الخيّام، ليس أصل ماكتبه باللفظ والعبارة، إنما رؤية المترجم فى صوغ
عبارات /أبيات شعرية
..تدور حول المعنى الذى أراده المؤلف الأصلى، إذ أن المترجم فى سبيل صياغتها شعراً
، عليه أن يتتبّع القافية والوزن لتتعادل مع اللغة المُترجَم إليها ..فهو يقدّم
ويؤخّر
ويأتى بلفظة أو ألفاظ
تجلب معها الوزن والموسيقى
والقافية.
وإذا قارنّا بين النص
الأصلى للخيام وماترجمه رامى
سنلحظ هذا الفارق،كما فى الرباعية التالية:
-------------------------------------
اى واقف اسرار ضمير
همه كَس
در حالت عجز ، دستگير همه كَس
يارب تومرت توبة ده وعذر پذير
اى توبة ده وعذر پذير همه كس
---------------------------------------
_هى نفس المصاريع التى
أتى بها رامى،فى الأول
والثانى والرابع
،والثالث مطلق.و"همه كس"المصاريع
و(در حالت عجز) تعنى فى
الفارسية:فى حالة العجز
و(دستگير) تعنى :
مساعد/مرشد/مُعين
و(پذير)
تعنى:اعتراف/قبول/استجابة
و(واقف أسرار): عالم
الأسرار...مع العلم أيضاً، أنه ليس فى الفارسية أداة تعريف ، ولاهمزة، ولا تنوين
_"ترجمة:حامد حبيب"_
وجاءت ترجمة (رامى) لها
هكذا:
ياعالم الأسرار علمَ
اليقين
ياكاشفَ الضُّرِِ عن البائسين
ياقابلَ الأعذار ،
فئنا إلى
ظِلِّكَ ، فاقبَل توبةَ التائبين
*فإن كان هناك فارق
ملحوظ بين النص الأصلي والترجمة ، ولكن التصرُّف الترجمى للمعنى لم يجرح
ذلك المعنى، حتى إننا
لاحظنا اقتراب الترجمة من النص الأصلى بشكل كبير، وهو ماأبدع فيه رامى
وجعله مُميّزاً فى
ترجمته عمّن سبقوه.
_________________
حامد حبيب_ مصر