جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
باسم عبد الكريمنقد

قراءة تحليلية في البنية الأسلوبية للغة الشاعر المغربي " حاج محمد"

 

باسم عبد الكريم العراقي

 قراءة تحليلية في البنية الأسلوبية للغة الشاعر المغربي " حاج محمد"

اللغة نتاج مؤسساتي ، فهي سلطة عليا ، ألبسها ( واعني هنا لغتنا العربية ) تعاضدها مع السلطة الدينية لبوس القدسية ، فصار محرماً المس بها  او الخروج عن قياساتها المعجمية او الذوقية فهي ( لغة القرآن ولغة اهل الجنة !) مما رفعها الى المصاف الايقونات المعصومة عن النقد او التطوير او الخروج عن حدود احكامها المعيارية ،مهما تقادم عليها الزمن وصدأت ضوابطها (الجما ـ تعبيرية) ناهيك عن ضيقها عن استيعاب ماجاء به التطور الحياتي ( وهذا معولم ) من نزعات تحررية  ( نفس ـ فكرية ) لم يألفها الانسان العربي في عصوره الادبية الماضوية ، هنا نشأت الاشكالية الجدلية ( الحداثة / الاصالة ) او بمعنى اكثر ايضاحاً ( الانعتاق من قيود القديم / الإبقاء على قدسية تلك القيود ) ، ومن ينبري لقبول الرهان على تحدي سلطوية اللغة وحليفتها المؤسسة الدينية باعتبارها المعبر الوحيد عن واقعيةافكار ومشاعر المتكلم،  هو احد اثنين ؛اما واثق من قناعاته الانعتاقية من اغلال قهرها ،او مدعٍ ممن يحب الظهور انسياقاً وراء مقولة ( خالف تُعرف ) ، والمعيارية الفصل هنا هي ما( يتولد/ لايتولد ) من معانٍ بعد تجميع الدلالات الناتجة عن الاشتغالات التفكيكية على معاني النصوص الظاهرة. 

وشاعرنا الحاج،مما ستؤكده تلك المعيارية لاحقاً ،هو ممن وثق بنزعته الانعتاقية وراح يعبر عنها بموقفيته المتمردة على قدسية تلك الحدود القاهرة لحرية الوعي ،وموقفيته هذه جسدتها الغالبية العظمى من نصوصه ، وبعدة  سياقات اسلوبية اهمها( سأستشهدت بمقاطع  من بعض تلك النصوص  على سبيل المثال ) :

 1 ـ تحديه لمعجمية الدلالةالمعنوية للاشارة ،بقياسها المزمن التعالق بين ( الدال / المدلول )

ففي نص له يقول :

( قلت للصوت ..

كن لي في  صداك..

مدى هوية ..

قد مزقتني..

حدودي الوهمية ..!؟)

فهو قد جعل من الدال ( الصوت ) ذي المدلول المعجمي المعروف ، مدلولاً يبحث عن دالٍ له!، فالصوت نتاج (اي انه اثر لغيره/ اهتزاز الحبال الصوتية)، يؤدي وظيفة حسية معقولة( نقل القول وغيره من اشارات سمعية)، فهو غير معقلن بذاته،الا ان الشاعر عقلنه وجعله مخاطَباً يبادله القول ويلتمسه العون ( كن لي في صداك..

مدى هوية .)

وللوصول الى المعنى التحتاني لهذه العبارة سأقوم بتفكيكها على عجالة كما يلي  :

ان نخاطب اخر ( وهو الصوت هنا ) فلابد ان يفقه مانقول ، وهذا يعني انه عاقل ، وكون الصوت اثراً ، فلكي يكون عاقلاً فلابد ان يكون مثيره عاقلاً ، فهو اذاً صوت عاقل ،وباستدعاء العبارة (كن لي في  صداك..

مدى هوية ..

قد مزقتني..

حدودي الوهمية ..!؟)

فهو مخاطَب يعوّل عليه الشاعر ان يرسم له حدوده الحقيقية ( مقابل الوهمية )وبتجميع هذه الدلالات:

صوت عاقل + حدود حقيقية = صوت الحق

فالشاعر انما يخاطب صوت الحق كي يكون له ( هوية) في عالم الاوهام .

ويقول في نص اخر:

 ( مؤثث كاهلي..

بثقل الوهم..

وسراب الخرافة ..

طعام من عظم..!؟)

فلا وشيجة معنوية ظاهرية بين المحمول عليه / كاهلي ، والمحمول / مؤثث ،ولا بين المهضوم/ طعام ، وضديده/ عظم.

لكن بإحالة ( مؤثث كاهلي ) على ( بثقل الوهم)

تتولد هذه المقاربة الدلالية :

ان مايزين جلادته هو الوهم الثقيل / بمايكافئ عِظَمَ الصبر

وكذا ( طعام من عظم ) بإحالتها على (سراب الخرافة)تجعل دلالتها تتقارب من معنى استحالة التحقق .

وبجمع المقاربتين السابقتين: 

عِظَم الصبر + استحالة التحقق = المكابرة والعناد

ويقول ايضاً:

 ( ركبت ظلي

وسافرت ..

 في متاهات الأبعاد..)

الاشارة/ ظل = دال اسمي غير ملموس ، لا مادي بذاته،فهو معجمياً( عتَمَةٌ تَغْشَى مكانًا او جسماً ما بفعل انحجاب الضوء عنهما لوجود حاجز )

اما الاشارة / ركب = دال فعلي ، يتطلب امتطاء ماهو ملموس ( مطية او وسيلة نقل ما)

فلاتعالقَ معنوياً ظاهرياً بينهما.

وتفكيك المعنى التحتاني ل(ظلي) :

الاشارة / ظل :اثر محسوس دال على كائن ما

+ ياء المتكلم = اثر الشاعر في الحياة المكافئ الدلالي له: معناه الوجودي

فتكون دلالة المقطع : الشاعر يمتطي صهوة معناه ويرتحل في عالم بلا معنى.

2ـ كسره رتابة البنية البلاغية الموروثة:

كقوله (سامق..

في بديهيات الليل..

وخزيران الضوء..

اطول ظلمة العلل..!؟)

ففي العبارة (خيزران الضوء) تضايف عار عن اي تشبيه او استعارة بلاغية ، ولاتنطوي على تورية او مجاز مما ألفته مناهج البيان ، فركنا العبارة هما:

 ـ خيزران ، موجود بذاته ملموس ، نبات يُصنع منه الضديدان :

~ الرماح /آلة سلب الحياة

~ آلة موسيقية شبيهة بالناي / آلة منح الحياة

 ـ الضوء، موجود بغيره محسوس .

لكن مقاربةالمعنى التحتاني :

الاشارة الضوء : بإحالتها مقامياً/ الادب الحديث ، لها عدة دلالات شيفروية منها ( الخير ، المحبة، العدل ، الحق ،ومرادفات هذه المعاني)

وهي متضامة تنافرياً مع الاشارة ( الليل )التي لها ذات الدلالات الشيفروية منها ( الشر ، البغضاء ، الظلم ، الباطل ، ومرادفات هذه المعاني )

فالشاعر جاء بمقابلة ( الضوء / الليل)

ليعبر عمايكابده من توتر داخلي في واقعه .

وباستدعاء الاشارة/ سامق ،نجده يعلن شموخه وانتصاره لذاته في هذا الواقع المتناقض .

كذلك ( ظلمة العلل )، فتعارض الحقول الدلالية للاشارتين لايرسم لتجاورهما صورة ذهنية جمالية ممنطقة مألوفة الابعاد.

وهذاالكسر للمألوف يتمظهر في قوله في نص اخر :                          

 ( حدثني..

عباب الليل ...)

وفي :(وصوت العبث أريج  ريح.. )

وفي :

(ورياض الجسد قبور ...)

وقوله :

(كخبز الرصيف..

وجعي..

يداس باصداف البحر..)

فهناك معانٍ مضمرة تحت سطح النصوص المذكورة، يكشفها الاشتغال التفكيكي ( بذات الآلية التي مرت بنا مع ما سبق في اعلاه )

3ـ تعارضيته مع نسقية  المنطق الواقعي لبنية الجملة اللغوية المفيدة( كما نظّرت له و درجت عليه ادبياتنا التراثية ) ، كونه رافضاً لمنطقية الواقع العربي الحاضر :

ففي نص له يقول :

(صفر...

لا تتحكم في المصير..

من شعب قوي..!؟)

فالاشارة صفر / كرقم محايد ، لاتتعالق مع ( مصير الشعب القوي) وهو وجود محدد ( غير محايد ).

وبتفكيك هذه الاشارة: الصفر = العدم ، اللاوجود

وبهذا المعنى يمكن تتضام بالنفي ( بوجود لا النافية/ لاتتحكم ) مع مايعاكسها ( مصير الشعب القوي)

وفي نص اخر يقول :

 ( وكم ..

أرجو ألا  أستفيق..!

ليبقى الحضور حلما كرفيق..!)

فالتضاد بين ( الحضور / حلماً) يجافي المنطق

وكذلك تداخل الازمنة في قوله :

 ( متى أراك ...

مستقبلا ...!!

لأجهز الحاضر ...

بفرح قديم ..!!؟)

وفي ( 

أشباح الماضي ..

ترسم ومض الحاضر ..

وتعلق المستقبل دخانا ..

على جدار الزمن ...!)

وقوله :

(أتيت  مسافة..

الوصول..

من مجيء ذات ..

لم تصل..

ومن ظن الرجوع..

وعي خيال ..

منه لم تعد..!؟ )

فالتقابل الضدي بين ( مجئ ذات / لن تصل)،

وبين(الرجوع/ لم تعد)،لايرسم صورة واقعية ممنطقة لما يقوله ظاهر تلك المقاطع النصية ،ممايحملنا على البحث عن دلالاتها المخبوءة تحتانياً.

وبالعودة الى ماحوليات نصوص الشاعر / مكان عيشه واقامته ، نجد انه غادر وطنه (المغرب )ليقيم في المهجر ( كندا) ، وهذه الغربة بما تعنيه من تعارضه وجودياً مع واقعه الأم ( ولهذا اسبابه الآيديولوجية او السوسيو سياسية )انعكست ( شعورياً/ لاشعورياً ) على لغته النصية  المتمردة على قهرية المؤسسة اللغوية ، كمافئ موضوعي لتمرده على المؤسسة السلطوية الشمولية ، وكما بينت ذلك معاني نصوصه المخبوءة/ المسكوت عنها كما سبق .

باسم العراقي


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *