حامد حبيب
عصرُ التصوُّف الفلسفة
............................
فى القرنين السادس والسابع الهجريين_الثانى عشر
والثالث عشر الميلاديين ، استمرّت الحياة
السياسية
فى تدهورها من
تفكُّك داخلى وحروب أهلية بين
الدول الإسلامية ، كما
شهد _إلى جانب ذلك _ وقوع
الحملات الصليبية
والاستيلاء على القدس سنة٤٩٢ه
_١٠٩٩م،حتى
ردّها (صلاح الدين الأيوبي) سنة٥٨٣ه.
ثم تعرّض
الأمّة لزحف جيوش
المغول وقلب الخلافة العباسية سنة
٦٦٣ه_١٢٦٥م ، فنشرت الدمار
والخراب ، ورمت كنوز
مكتباتها العلمية في نهر دجلة
..كان هذا من
جهة المشرق ، أما من جهة المغرب ،
فقد كانت هناك حروب الأسلام
ضد الأندلس التى
انتهت بسقوط
"غرناطة" ، فاشتدت هجرة الشعوب
من المشرق والمغرب نحو الشام ومصر والأناضول
طلباً للأمان والاستقرار.
ومن أمثلة ذلك هجرة أسرة
(جلال الدين
الرومى) من "بلخ"بخراسان إلى"قونية
فى الدولة
السلجوقية،وهجرة(ابن عربى) وأصحابه
من الأندلس إلى مصر ثم
إلى الشام.
_ورغم كل هذه
الاضطرابات السياسية والاجتماعية التى
هزّت العالم الإسلامي ،
فقد ازدهرت الحياة الثقافية فى كل مجالات العلوم..ففى
الفلسفة ،اشتُهر
( ابنُ رُشد
) بفلسفته الأرسطية فى الأندلس ، وفى الطب ،ظهر (الزهراوى)و(ابنُ زهر) ، وفى الجغرافيا
ظهر(ابنُ بطّوطة).
_ أما
الحياةُ الصوفية ، فيُعَدُّ القرن
السابع الهجرى
هو القرنُ الذهبى التصوّف
الإسلامي ، إذ وصل لقمّةِ
التعبير عن نفسه عملاً
وفكرياً وفنّاً ، كما ظهرت فيه
أعظم شخصيات
التصوّف الإسلامي على الإطلاق
والتى أثّرت تأثيراً
واسعاً وعميقاً فيمن أتَوا
بعدهم،
فظهر المؤسّسون الأوائل
للطرق الصوفية،من بينهم:
*عبد القادر
الجيلاني : مؤسس الطريقة القادرية.
*احمد
الرفاعي : مؤسّس الطريقة الرفاعية.
*أبو حفص
السُهرَوَردى:مؤسس الطريقة السهروردية
*جلال الدين
الرومي : مؤسس الطريقة المَولوية.
وظهور أعظم
المفكرين فى مجال التصوف ، مثل:
شهاب الدين يحيى
السهرَوَردى_فريد الدين العطار_
محيى الدين بن العربى.
وظهور أعظم شعراء
الصوفية،أمثال:عمر بن الفارض
_وجلال الدين
الرومى.
_ وقد اتّخذ
التصوف فى ذلك
الزمن بُعداً نظرياً أوضح وأعمق مما كان عليه
من قبل ، نتيجة تأثُّره
بالكثير من التيارات الفكرية والدينية المنتشرة فى
ذلك الوقت
فى العالم الإسلامي
خاصة تأثّره بالأفلاطونية
المُحدثة التى تبنّاها الفكر الإسلامي،ثم
التيارات الفكرية
ذات الطابع الغنوصى الهِرمسى ،
وتأثُّره بحكمة الإشراق ، مما
أكسبه أنماط معرفية
أثّرت فى شمولية وسعة
تفكيره.
_ بل إنّ
التصوّف الإسلامي فى ذلك الوقت أصبح فعّالاًفى ميدان الإنتاج
الفنى فى مجالات غير الشعر
كفن الموسيقى
والفن المعمارى ، حيث بُنيَت أروع المساجد التى عرفها التاريخ الإسلامي.
_ وهكذا كان
لمتصوّفة ذلك العصر
دَورٌ فعّالٌ فى إثراء الحركة
الفكرية والأدبية والفنية.
______________
حامد حبيب_مصر