حامد حبيب
موقفُ الإسلامِ من الشِّعر
__(١)__
نزلَت سورةُ الشُّعَراء فى شُعراءِ المُشركين : عبد الله بن الزّعبرى ، هُبَيرة بن أبى وهب ، مساقع بن
عبد مناف، أبى عزّة الجمحى وأُميّة بن أبى الصّلت.
فقد قال هؤلاء: نحنُ نقولُ مثلَ قولِ مُحمٌَد
،وكانوا
يهجونَه
ويجتمعُ إليهم الأعراب
ويستمعون إلى أشعارِهم وأهاجيهِم
، فكانوا هم الغاوون
الذين يتّبعونهم.
وعن عبد
الله مولَى تميم الدّارى
، قال : لمّا نزلت
" والشُّعراءُ يتَّبعُهُم الغاوون
" جاء حسّانُ بنُ
ثابت
وعبدُ الله بن رُواحة وكعبُ بنُ مالك إلى رسولِ الله
_صلى الله عليه وسلم_ وهم يبكون، قالوا : قد
علمَ
اللهُ حين أنزلَ هذه الآيةَ أنَّا شُعراء ،فتلا
النّبىُّ (ص)
"إلّا الذين آمَنوا وعمِلوا
الصالحات"قال: أنتم،"وذكروا
اللهَركثيراً" قال:أنتم ، " وانتصروا من بعد ماظُلِموا"
قال: أنتم.
وقد تاب بعض هؤلاء الشعراء الذين نزلت فيهم هذه
الآيات ،وصاروا
يمدحون رسول الله ، ودخلوا
فى دائرة قولِه تعالى" إلّا
الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ
وذكروا اللهَ كثيراً".
وقد قال(صلى الله عليه وسلم) فى شُعراء الإسلام :
حسّان بن ثابت،وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة:
"هؤلاء النُّفرُ أشدُّ على قُرَيش من
نَضحِ النِّبَل".
وقد ورد
ذكر الشِّعرِ والشعراء فى القرآنِ الكريم
فى
فى ستَّةِ مواضعَ من سُوَر القرآن الكريم، وهى
جميعاً
تدور حول الدفاع عن العقيدة فى فترة بدء الدعوة
والردّ على اتّهامات المشركين للرسول ، ومنها
الاتّهام
بالشِّعر.
وماكان
الشعرُ تُهمةً عند
العرب ، إلا أنّه
فى هذا الموقف وحده اصبح كذلك ، فى محاولةٍ من
الكفّار
للنَّيل من الوحى والحَطّ من شانِه :
" ويقولون أئِنّا لَتاركوا آلهتِنا
لشاعرٍ مجنون" ..
"وما علّمناهُ الشِّعرَ وماينبغى
له إن هو إلّا ذكرٌ
وقُرآنٌ مبين".
فكانوا يقولون احياناً عن القُرآنِ إنّه شِعر، وعن
النّبى
إنّه شاعر ، فجاء
القرآنُ ليُبيِّنَ لهم أنّ
منهجَ مُحمّد ومنهجَ القران
غير منهج الشعراء ، وغير منهج الشعراءِ أصلاً ..ومع هذا ،
فالإسلامُ لايحاربُ الشعرَ
والفنَّ
لذاتِه _ كما قد يُفهَم
من ظاهرِ الألفاظ_إنما يحاربُ المنهجَ
الذى سار عليه الشعر والفن، منهج الأهواء والانفعالات
التى لاضابط لها.
وفى ذلك قال (ابنُ عربى):
الشِّعرُ مابين محمودٍ ومذموم
لذا أتى فيه
ربُّنا بتقسيم
وقال العقاد :
وإنما المُنكَرُ فى الشٍِعر
مايُنكَرُ فى كُلّ كلامٍ يجرى بالسّوء او يُغرَى به ويستدرجُ
النفوسَ
إلَيه، وماعدا ذلك من الشِّعر
، فقد كان النبىُّ_صلى
الله عليه وسلم_يسمعه ويُجيزُ عليه ، وكان يحفظه
الخُلفاءُ الراشدون وأئمّةُ المسلمين،وقد نُظِمَت
أحكامُ
الفقهِ الإسلامى فى بحورٍ موزونة، كما نُظِمَت
متونُ
للعلمِ واللغة فى هذه اليحور، مثل "ألفيةُ
بنُ مالِك"...
فلاحرجَ فى هذا الفنّ الجميل.
_______________
حامد حبيب_ مصر