الشاعر عبد النور الهنداوي
يدوّن عن الكتابة بمثاقيل الكآبة والضوء والأمل عن مشروع :
(( الكتابةُ بالطّاقةِ البَديلةِ للغةِ الأم )) للشاعر أسعد الجبوري
أخشى أن يكون التغيير الذي أريده / / هو نفسه الخراب
منذ أن كتبت اول قصيدة في حياتي / وانا ألعب ضدّ الجنون/ اي ضدّ ما هو
طبيعي وخالد
أسعد الجبوري يكتب بالطاقة البديلة للغة قبل أن يموت بلحظات// منذ أن عرفته
وهو ينسج سراويل خشبية لهياكلنا العظمية // مع أننا نسينا ان نموت في لغته
البديلة.
ما المشكلة إذا أخطأنا في الحياة؟/ احياناً يكون الخطأ جميلاً/ وفاتناً/
وشهيراً
في قصائده // يدخل الواحد في الحياة " عاريا" تماما ليظل مدوّيا/
نكاية بالذين يريدون اكل عقولنا بلغتهم الخشبية المزمنة/// هو الذي أضرم النار في
وجوهنامن أجل الفن./ الفن بكليته وطاقته الفلسفية /والأيديولوجية. ومن بعد صنع
حوارا من بقايانا // علما ان أصابع يديه تصدّعت بين يدي اللغة .
ماذا لو أرغمنا اللغة على أخذ اقراص مهدّئة أمام عينيها؟ // كي تذهب برؤوس
مطأطئة إلى المستقبل .يعني أن اسعد الجبوري رسم مخطّطا لنستظل به// كي لا يصبح
التفسير للشعر هو العار / لئلا تقتحمنا الكراهية/ والخوف / والنبوءات
_ هو البستانيّ العارف الحديقة الأبد
ولوحده الزمن يعاد إلى الوراء
وهي التفاحة الثملة بغابة النصوص
وبحبرها تفيض المصابيح _
أسعد الجبوري من أين له كل هذا الحليب؟// وكيف التقط صور أجسادنا وهو واقف
أمام النافذة ليتحدث مع صوته//قد نكون جميعابحاجة إلى زمن أكثر كي نمضغ بارواحنا/
أو باصابعنا الشموع المحطّمة
في هذا النص/ التفاح يحتضر //ويبعث صهيلاً بصريا منقطع النظير . في كل كلمة
يرسم و يكتب نكهةللنار وحبيبة بطعم الغيب / يكتب عن منطقة شاسعة من من الربيع/
ويحزّم بطنها وامتعتها إيذانا بالخلود/الكتابة بالطاقة البديلة/ كما لو أن الزمن
لا ولن يتوقف في وجهه// بل توقف في وجوهنا/ لأن لحظة اللقاء لديه/ بعيدة عن لحظة
التكهن والتخزين أنها تتلألأ متى تريد في لحظة اللقاء ولحظة الإنتماء /شعرية أسعد
الجبوري // تستيقظ متى تريد / وتحلم متى تريد / وتكتب متى تريد .
اعرف شعراء يوقّعون قصائده بأظافرهم / مع أنهم ذاتهم يخجلون من هياكلهم حين
يداهمها الجديد / النافر .فكيف بطاقة ولغة بديلة تلعب المفردات كلّها بالرأس.
_ على جباهنا المفروشة بالرمال
تحبو الكآبة على ركبتيها
ولا تئن_
أسعد الجبوري// صنع لنا في نصوصه هذه // محاور معلّقة يجب إنجازها الآن /
وفيما بعد / وبعد الف سنة أظن أن الشاعر // صنع اقمارا خاصة به يؤَكل ضوؤها
بالأصابع ...// وإلى الآن لم يستطع دخول المناطق الحسّاسة في أجسادنا وعقولنا //
لأننا لم نستعمل لغة ،ألوانها ظلال المرايا .
أمام لغته نعذّب بعضنا بعضا أمام عينية/ وأمام لغة هائلة هيّأت نفسها
لتأكلنا قبل الرحيل
_ في هذا النهار
إحمل على ظهرك نهراً
هناك الكثير من الأفئدة الشبيهة بالحقول المتصحّرة
الملايين تريد رؤية الله بين الناس تحت الشمس
في هذا النهار
الزمن ليس من ممتلكات الكآبة فقط. _
قلت لأسعد الجبوري:// ماذا لو أحبتّك الحجارة / ماذا لو حملك النهر على
ظهره// وحوّلك إلى فؤاد الشاعر هنا / يستهلك كميات قليلة من الرغبة كي يبقى
عميقاً. هو وحده يرى الله بين الكلمات كي لا تنخفض كمية اللغة في الإنسان الذي
فينا .أيضا في هذا النص// كلام من النوع النظيف والدافئ
من القدر// هو نفسه الشاعر الجبوري// آخى بين الأفئدة/// وبين زمن يركض في
العيون. لأنه ليس بحاجة إلى كمية إضافية من الأنين.
إن الشاعر الجبوري// يعرّفنا كيف نصنع العاصفة في الكلام// وكيف يدعوها تحبو
على الورق.الكلمة لديه تخرج من مسام الجلد كما تخرج نقاط الدم من الجرح//
الشاعر يكتب / ويلوّن/ ويتغلغل في اللغة والألوان// ويعاني في كيفية
إخراجها وتحويلها حبيبة أو قصيدة مذهّبة// ليسمّيها قطعة من الغيم او قطعة من
قصيدة
_ يفتح سريره مثل كتاب
ويحاكي رموزاً عبروا الصحراء على الإبل وعلى النمل وعلى القصائد
يحاكي أعيناً ذرفت مدخراتها من تصاوير وبخار الشهوات
يحاكي أحلاماً بريش قتلى الطير
وذئاباً تتأرجح من افواهها مدن ذبيحة
أنا انتَ
نصفان من حبّة قمح في موسوعة الخراب
نصفان لخيال الرغيف
وعند الضرورة الملحّة
ستخرج الآلهة من جيوب الأساطير
وتجلس معنا
وآنذاك
لن يصعب على السلاحف التغزّل بالجبال _
أظن أنّ لا مسافة بين الوقت والوقت ، لأن الشاعر هنا ليس لديه ارض اشلاء أو
ارض مقفلة لن يسمح لها بدخول الهواء أو
حتى الشمس وأظن أيضا أن لا أحد يستطيع تأويل النص، وفي داخلنا تقبع عصور حجرية
مزمنة//وكيف أقفلت علينا الكهوف . فكيف الحال إذن بيننا وبين الكهوف ؟.
السلاحف يا أسعد الجبوري// صنعت ثياب زفافها من الهذيان/ والقمح الذي تريد
// يقف الآن على قدميه أمام ضجيج المرايا.
في الطاقة البديلة للغة// الشاعر لا يودّ إيقاظ قلبه فقط/بل يريد أن يعثر
على ظلالنا نحن/// لأننا لا نعرف ماذا يجري وراء الأفق ووراء الأنين
إن النصوص العظيمة مهما كانت // هي مؤامرة ضدّ الحياة/ لأن الحرية في اي نص
// تموت كما يموت البرق.
يبدو الشاعر الجبوري/ تعلّم الكتابة كي يحطّم كل شيء من أجلها/ أو كما يقول
لوركا:" نحن جميعاً بحاجة إلى تأهيل متواصل كي لا تسقط قلوبنا في
الخمول"
لا شيء أسوأ من الكتابة عندما تتكرّر/مع أن كل شيْ يتكرّر دون أن تكون هناك
فرصة للإفلات لقداصطادتنا لغة الحنين / لغة الوراء / وتحولّنا بلغتنا
إلى جثث مشعّة لاعتقادنا أننا ستذهب بأرواحنا مع قليل من الورد إلى المقابر
الوفيرة.
لغة الطاقة البديلة لدى الجبوري/ وبكل وضوح//
أن تكون بقدمين نظيفتين/ نظيفتين تماماً لتفكيك الحياة الباردة الرتيبة
المراوِحة في المكان .
"أن تاريخ اللغة الحقيقي / هو تاريخ الخلق / الخلق المستمر للإنسان
بالإنسان. إنه التاريخ المقدّس للبشرية
ومادته الفنون الكاشفة لمعنى الحياة الإلهي و المبشرة بالمستقبل
"-١-
إن اسعد الجبوري/ يعرّفنا على الفرح الثقافي // أو قل المعرفي في الطاقة
البديلة// وكأن هذا الفرح لا يوجد إلاّ لديه ويريد أن يبثّه وينشره ويبحث في جيوبه
عن الكائن الذي يريد.
_ على جباهنا المفروشة بالرمال
تحبو الكآبة على ركبتيها
ولا تئن _
من خلال هذه النصوص // يعترف ضمنيا أن الكلام في اللغة اليابسة/ قد ضاق
كثيراً.وايضا الكتابة ضاق قلبها.
بالتأكيد الشاعر الجبوري لا يتوقف عند هذا الحدّ// اي تغيير طعم اللغة / بل
يريد أن يقلّب بأصابعه المتوهجة/ هذا الرماد وأين يذهب بكل تلك النار.
هو يصرّ على اللغة التي تشبه لبّ النار / وبداية الأشياء
والجزء الأعلى من الدم .
اللغة المتفحّمة نخرت عظامنا بلا هوادة // لأن كلمة
ثقافة / معرفة تعني ببساطة شديدة // إمّا أن تكون شاعراً/ /أو حصيرة
فهل نصلح نحن لتفجير اللغة ؟ أم أن أجسادنا تزوجت الأرصفة // ولم يعد لدينا
ما نتسوله/ لأننا نخاف من المكان حيناً// ومن الزمان حينا آخر .
اللغة البليدة /تماما مثل الدخول في الأمكنة الباردة //وتساوي تماماً
الخروج من الأزمنة الباردة
ما وراء هذا الكلام / يوجد لدى أسعد الجبوري لغة كثيرة وثقافة كبيرة تشبه
بوادينا اللامتناهية// وعندما نتغير تتغير معها الحرية كي لا نظل نلهث وراء الذي
يشعل الحرائق في نوعية النص// بسبب أو من دون سبب .
لا أحد يتذكّر كيف بكت الجاهلية بين ايدينا/ إننا شبه الدهشة ونشبه القصيدة
التي كان فيها القلب
في الطاقة البديلة للغة // تتغير الأيام // وتتغير الأمكنة التي ارتكبت
فيها عيوننا خطأ النظر إلى الأمام وهذا لا يليق أبداً بالثريات والقصائد المزركشة
أسعد الجبوري يغامر في المسافة بين ما يطرحه / وبين ردود الأفعال كي يرى
الفضائح في عيون الآخرين. ربما لأنه آلف بين الرمال والثلوج// لأنه لا يريد أن
يتواطأ مع الفلسفة التي انهمرت منها الرمال. هل يحق لأسعد الجبوري أن ينام بين
الأزهار والأزهار؟
للآن وأصابعه تمشي امام الذي نصّب نفسه سيداً على الملح. ربما في يوم من
الأيام // يهزم عظامه لتعيش اللغة والطاقة البديلة. دون اي اهتمام من أولئك الذين
شكّّكوا بالأزمنة/ مع أن الأزمنة. أكلتهم // وأصابع الشاعر تنام فوق الزمن.
_ نوح في شباك التذاكر
يقطع
الحجوزات لنزلاء الطوفان _
_ لا ضوء في نهاية النفق
ثمة جرذ يتلذّذ بقضم مصباح مكسور
فقط_
أسعد الجبوري لديه آلية لضبط المجهول// مجهول اللغة / كي لا تظل هذه اللغة
مؤامرة ضدّ الحياة. نحن نغتسل امامه بالخزف// وهو يغتسل أمامنا باللغة
_______________________________________________________________________
عبد النور الهنداوي
جريدة الأسبوع الأدبي السورية الصادرة عن اتحاد الكتّاب العرب
العدد ( 17209)
** كل النصوص الموجودة في
هذه القراءة / من صفحة الشاعر
في الفيسبوك وهي تحت عنوان
( الطاقة البديلة للغة )