أبو نوّاس
حامد حبيب
أبو نوّاس
*هو : أبو نوّاس الحسنُ بنُ هاني بنُ عبد الأوّل
(١٤٦_١٩٨ه/٧٦٣_٨١٤م).
*وهو: شاعرٌ مشهور ، وُلِد فى الأهواز ، ونشا فى
البصرة،ثم استقرّ فى بغداد،وتوفِّى فيها بعد أن زار دمشق ومصر ، وقد
تاب بعد حياةٍ مليئةٍ بالمجون.
*طُبِع ديوانه فى"فيينا" سنة١٨٥٥م بعنوان(ديوان
أبى نواس،أكبر شعراء العرب),ثم فى القاهرة
سنة
١٢٧٧ه، وفى "بومباى" سنة ١٣١٢ه بعنوان (حديقة
الإيناس فى شعر أبى نواس)،ثم فى القاهرة
أيضاً سنة ١٣٢٢ه "المطبعة المحمدية" ، كما خصصت له
" دار الثقافة "
مجلداً منفرداً ، بعد حصولها
على مخطوطة فى مكتبة جوته بألمانيا الشرقية رقمها
(٥٣٢) فيها ترجمة لأبى نواس ، وهناك
"أخبار أبى نواس لابن منظور المصرى"نشره محمد عبد الرسول
ابراهيم وعباس الشربينى ، وطُبِع الجزء
الاول منه في "مطبعة الاعتماد"
بالقاهرة عسنة١٩٢٤م ، والجزء الثاني فى "مطبعة المعارف" ببغداد سنة
١٩٥٢م، و"أخبار أبى نواس لأبى هفان" ..(مكتبة مصر _١٩٥٣م،بتحقيق عبد
الستار فرج) ، و"أبونواس" لعبد الحليم عباس(دار المعارف بمصر_سلسلة
اقرأ_رقم"٢١")،و"أبو نواس" لعبد الرحمن صدقى(مطبعة عيسى
اليابى الحلبى_القاهرة_١٩٤٤م) ،و"أبونواس" لعمر فروخ(دار الشرق
الجديد_بيروت_١٩٦٠م)وغيره.
…………
كان الأمويين يستعينون بالشراء على
تثبيت ملكهم
وتأييد دعوتهم والدفاع
عن سياستهم وإذاعة محامدهم .
أما الدولة العباسية فكان لها من قوة أنصارها الفرس مايغنيها عن التكثُّر
بالشعراء والتهويل عليهم.
ولما ثبتت دولتُهم ،
أصبح المقصودُ من
تقريب الشعراء الاستمتاع بالادب باعتباره مظهراً من مظاهر الجمال وزخرفاً
من زخارف الحضارة،ولوناً من ألوان
المتعة ، وكان
الشعراءُ يحضرون المجالس
التى يعقدها الخلفاء والوزراء الشراب والغناء ، ويقومون فيها مقام
المُخدِّث المُسلِّى والنديم الفكِه،واستدعى ذلك
أن يكثُرَ فى الشعراء
أهل النجوم والتهتُّك والخلاعة، وطافت برءوس الشعراء
أخيلة جديدة وصور ذهنية غير معهودة.
فى هذا الجو الحافل نشأ
( أبو نواس ) وترعرع ونضجت
شاعريتُه، وكان هذا العصرُ مسرحاً مناسباً لظهوره.
وكان شعرُه وثيقةً
منقطعةَ النظيرِ فى
الجرأة والصراحةوصدق التصوير،فلم تلُم به نزوة أو تعرض له شهوة الا كشف
عنها وترنّمَ بها فى شعره ، حيث كان من هذا الطراز الذي يدين بالمتعة ولا
يؤمن فى الحياةِ بغير اللذة ، حيث
كانت الحياةُ في
نظره قصيرة يريد أن يغتنمها قبل
فواتِ وقتها ، وهى
ليست جديرة بأن يقضيها المرء
في طلب الغايات البعيدة وتحقيق المطالب
العالية.
وقد توافرت لأبى نواس أسباب المتعة واجتمعت
له دواعى اللهو والمجون،حتى نال منها ماشاء ،وقد عبّر عن ذلك بقوله:
ولقد نهزتُ مع
الغُواةِ بدَلوِهم
وأسمتُ سرحَ اللهوِ حيث أساموا
وبلغتُ مابلغ امرؤٌ
بشبابِه
فإذا عُصارةُ كلّ
ذاك آثامُ
فكان شعرُه هو صدى مخاطراته في اقتناص اللذة
واغتنام اللهو ، وقد
ساعدته نشأتُه على
إنماء خصائصه النفسية،ومكّنه عصرُه من الانطلاق طوع شهواته ، وقد كان (أبو
نواس) رجلاً وشيكاً معتدلَ
القامة ، سليم البنية،حادّ الذكاء،
لديه انسجامٌ بين قواه العقلية
والبدنية،وكانت الحياة عنده هى طلبُ المتعة قبل
كل شئ ، وكانت الحاسة الأخلاقية فى
نفسه كثيرة الرقود،لذا لم يخالجه ندم على مافرّط إلاّ عندما وهنت قوتُه ، وأحسّ ضعف الشيخوخة ودُنوّ الأجل.
وقد كانت طبيعتُه
اللاهيةُ الحيوانيةُ العارمةُ والشهوات الغائرة تبعثه فى كل
حين على أن يكون
له انتصاراته في عالم الحب والشهوة
، وهذا دليل على أنّ عاطفةَ حبّه لم تكن
مُهَذّبة ، وفقدان هذه الرقّة فى الإحساس والعمق في الشعور جعله
يعرض نفسه على قُرّاء شعرِه عارياً دون أن يدرك مافي ذلك
من الإساءة…كان يبحثُ عن المتعة
ويسير إليها غير عابئ بشي.
لكنه فى النهاية وصل لحالة الشأن من تلك الحياة،
فيصل إلى إقراره هذا حين يقول:
ألاكلُّ حيًّ هالكٌ وابنُ هالك
وذو نسبٍ فى الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشَّفت
له عن عدوًّ فى ثيابِ صديق
وهو ماتحدث عنه(شوبنهاور)حين قال:".. كذلك الرجلُ السادرُ فى أهوائه
الغارق في شهواتِه تمرّ به أوقاتٌ تكِلُّ فيها الحواس وتفتُر الحيويةُ
فيعروه
الملَلُ وينتابه التشاؤمُ
والشعورُ بالهزيمة تلقاء الحياة".
وانتهى به الأمرُ بعد اللهو والمجون أن يكتب مثل هذا:
فارغَب إلى اللهِ ، لإلى بشرٍ
منتقلٍ فى البِلَى ، وفى الغِيَر
وارغب إلى الله ، لاإلى جسدٍ
مُنتقلٍ من صِبا إلى
كِبَرِ
__________
حامد حبيب_مصر